منظر تهالك الصنم من فوق رؤوس العباد في بغداد سيبقى متوهجاً في الذاكرة الشعبية لسنين طويلة حينما كان النظام ينشر صور رئيسه فوق كل جدار في العراق، ويرفع أصنامه عند كل منعطف، ماذا كان يفعل، كان يعيد البشرية إلى عصور جاهليتها الأولى إلى تغييب الكرامة الإنسانية، وتلطيخ الجباه في التسبيح بحمد الوثن ليل نهار.
يذكر الكاتب «عدنان مكية» وهو كاتب ومحلل عراقي يعيش في المنفى، في كتاب له حول الآلية التي يوظفها النظام القامع في بغداد من خلال نشر صور الرئيس وأصنامه، اسمه «جمهورية الخوف».
فيقول إن لهذا الموضوع بعداً مخابراتياً حيث الرمز المعلق بصورة متصلة يرعى ويحدب على نبتة الخوف المغروسة في أعماق الشارع العراقي، ويتأكد بأنها تضرب جذورها عميقاً في أوصال الفرد بحيث تمنع الفرصة لأي تمرد أو عصيان لحالة الظلم التي تحيط بممارسات النظام.
مشهد انهيار الصنم مشهد مذهل، سيفتح العالم من حولنا على محلة جديدة، وبعيداً عن الذي هدمه أو الذي ساهم في تهديمه ستبقى مرحلة مختلفة.
أي ما يحدث هو حالة انقطاع بين الماضي وبين الحاضر، بين رعب الأصنام وفراغ جديد الجميع في حالة ترقب وتوقع عن الذي سيملأه.
ويذكر الكاتب مكية في موضع آخر من الكتاب أن هناك تمثالاً عبارة عن أيدٍ ضخمة تمسك بسيوف، وتتقاطع هذه السيوف لتكون قوساً كبيراً «لا بد بأنكم لمحتم هذا القوس في العديد من المشاهد في مدينة بغداد» فيقول مكية إن الأيدي القابضة على السيف هي صورة طبق الأصل لأيدي صدام بعروقها بعظامها بجميع تفاصيلها ولكنها مكبرة عشرات المرات، وحملت السيف كإيحاء خفي عن السيف المسلط فوق الرقاب.
الزمن في عالمنا العربي يعاني من التحجر والركود، هي ذاتها الرؤوس التي أسلط عليها الحجاج السيف وقال «اني أرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها، واني لصاحبها».
الزمن في عالمنا العربي يعيد استيلاد أصنامه ورموز الطغيان والتسلط، وعبر التاريخ كلما هوى وثن، سارع الشارع العربي في تنصيب بديل له، يمجدونه ويقدسونه ويسبحون بحمده صباح مساء.
|