* واشنطن - دمشق - الوكالات:
على الرغم من البوادر الايجابية التي صدرت من واشنطن حيال سوريا ومثلت تراجعا نسبيا عن موجة التشدد يعكف أعضاء بمجلس النواب الأمريكي على الاستفادة من أجواء التوتر الأمريكية /السورية والاسراع في تمرير مشروع قانون متشدد ضد دمشق كانوا قد فشلوا في ضمان دعمه الرسمي عدة مرات من قبل.
وقد بدأت في العاصمة الأمريكية حملة من المنظمات العربية والاسلامية لمواجهة مشروع القانون الذي يحظى بتأييد متزايد في مجلس النواب ويهدف الى فرض سلسلة من العقوبات السياسية والاقتصادية المشددة ضد دمشق قد تؤدي الى القطع الكامل للعلاقات الأمريكية /السورية ما لم تلتزم سوريا بتنفيذ ستة اجراءات تعسفية من بينها السلام مع اسرائيل.
ومن المقرر أن يصوت أعضاء لجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب الأمريكي على مشروع القانون في وقت لاحق من الشهر الحالي لدى استئناف مجلس النواب أعماله عقب عطلة الربيع التي بدأت في منتصف الشهر الحالي وتستمر لمدة أسبوعين.
ويدعو مشروع القانون الى حظر بيع أي منتجات أو معدات أمريكية يمكن أن تستخدم لأغراض مزدوجة/مدنية أوعسكرية ومنع أي قروض أو مساعدات فيدرالية للمشاريع الاستثمارية الأمريكية في سوريا وتقليص مستوى التبادل الدبلوماسي بين البلدين وتقييد حركة الدبلوماسيين السوريين في واشنطن ومن يعملون ضمن الوفد السوري في الأمم المتحدة بنيويورك ووقف أي صادرات أمريكية لسوريا باستثناء الأغذية والأدوية وتخفيض أي اتصالات مع سوريا.
وتتمثل الاجراءات الستة التي يطالب مؤيدو مشروع القانون من دمشق تنفيذها لتفادي العقوبات السابقة في أن تتوقف سوريا عن مساندة «الارهاب الدولي» وتسحب كافة قواتها من لبنان وتوقف عن «تطوير ونشر الصواريخ العابرة للقارات والأسلحة الكيماوية والبيولوجية» ووقف استيراد النفط من العراق انتهاكا للقرارات الدولية وان تحقق تقدما ملموسا حيال السلام السوري الاسرائيلي والسوري اللبناني وتحترم سيادة لبنان واستقلالها السياسي كما ينص على ذلك قرار مجلس الأمن رقم 520.
ويتبنى مشروع قانون محاسبة سوريا وسيادة لبنان النائب الديمقراطي اليهودي اليوت انجيل والنائبة الجمهورية اليهودية «الينا روز ليتينين» التي ترأس اللجنة الفرعية لشئون الشرق الأوسط التابعة للجنة العلاقات الدولية بمجلس النواب يساندهم في تقديم مشروع القانون 46 من أعضاء مجلس النواب.
وقد استغل أعضاء مجلس النواب من المؤيدين لاسرائيل وهم كثيرون التوتر الأخير في العلاقات الأمريكية السورية ورفعوا مشروع القانون الى لجنة العلاقات الدولية بمجلس النواب أملا في الفوز بتأييد البيت الأبيض وتجنب المعارضة التي أظهرها أمام مشاريع قوانين مماثلة كانت تستهدف التشدد مع الحكومة السورية لسبب أو لآخر.
ويسعى مشروع القانون الذي لم تعلن ادارة بوش عن معارضته الى تحميل سوريا مسئولية «مشاكل خطيرة تتعلق بالأمن الدولي تسببت فيها في منطقة الشرق الأوسط». وقد عارضت الادارة الأمريكية في الماضي فرض المزيد من العقوبات على سوريا غير أن الحملة التي يشنها أعضاء بارزون بالادارة الأمريكية واستغلتها دوائر عديدة في واشنطن موخرا قد تدفع الادارة الجمهورية الى الرضوخ لمطالب الكونجرس.
ويتمثل الموقف الرسمي والمعلن للخارجية الأمريكية حيال مشاريع قوانين مماثلة سابقة في أنها تهدد قدرة واشنطن على التعامل مع عدد من القضايا المهمة الخاصة بالتعامل المباشر مع الحكومة السورية ويزيد من صعوبة المحاولات «لتغير تصرفات دمشق».
وبإمكان الرئيس الأمريكي جورج بوش استخدام حق الفيتو ضد أي مشروع قانون لوقف دخوله حيز التنفيذ اذا أراد غير أن الشكوك تحيط بمدى استعداد بوش للاعتراض على القانون خاصة في ضوء تصريحاته المعادية لسوريا بشكل منتظم.
ويطالب مشروع القانون الرئيس الأمريكي بتقديم تقرير للكونجرس يثبت فيه أن سوريا توقفت عن دعم «الارهاب» وأنهت «احتلال» لبنان وتوقفت عن تطوير «أسلحة الدمار الشامل» وامتنعت عن الحصول على البترول العراقي بصورة غير قانونية وتوقفت عن ادخال أي أسلحة غير مشروعة للأراضي العراقية.
يضاف الى ذلك ضرورة أن يثبت الرئيس الأمريكي احراز تقدم كبير في تحقيق السلام بين سوريا واسرائيل ولبنان واسرائيل وحتى يثبت الرئيس الأمريكي ذلك يتعين عليه حظر تزويد سوريا بمواد حساسة تستخدم في أغراض مدنية وعسكرية.
يتزامن مشروع القانون مع الجدل المعتاد في واشنطن حول الأسلوب الذي يتعين تبنيه في التعامل مع سوريا حيث تنقسم الادارة الأمريكية والدوائر السياسية الى فريقين.. الأول يضم المتشددين من أعضاء الادارة والكونجرس ومراكز الأبحاث ذات الاتجاه اليميني والذين يطلق عليهم تعبير «فريق الصقور».. ويرى هؤلاء أنه يتعين الاستفادة من «الانتصار العسكري» السهل الذي تحقق في العراق وممارسة الضغوط على سوريا من خلال فرض سلسلة من العقوبات الدبلوماسية والاقتصادية وابقاء الضغوط الدائمة على حكومة دمشق حتى ترضخ الى المطالب الأمريكية.ويعارض أعضاء هذا الفريق الزيارات المتبادلة بين السوريين والأمريكيين ويظهرون نوعا من عدم الارتياح كلما أعلن مسئول أمريكي رفيع المستوى عزمه زيارة سوريا.. وحدث ذلك عندما أعلن وزير الخارجية الأمريكي كولين باول مؤخرا عن رغبته أو نيته في الذهاب الى سوريا والحديث مع نظيره فاروق الشرع والرئيس السورى بشار الأسد00 وربما تكون ضغوط فريق المتشددين وراء اعلان باول في وقت لاحق أنه لا توجد لديه خططا محددة لزيارة سوريا وأن محادثات دمشق ستأتي في اطار جولة مستقبلية.
وقد ارتفعت أصوات أصحاب هذه النظرية في الأيام الأخيرة لقرع طبول التهديد والتحدث بنعرة العقوبات ضد سوريا شجعهم في ذلك الحرب الكلامية المكثفة التي شارك فيها الرئيس الأمريكي ووزيرا الدفاع والخارجية في ادارته ضد دمشق.
والفريق الثاني داخل جنبات واشنطن الرسمية وغير الرسمية يدعو الى تبني الدبلوماسية الهادئة بهدف تشجيع سوريا على الاضطلاع بدور «مسئول وبناء» في التعامل مع قضايا منطقة الشرق الأوسط السياسية والأمنية.. وعلى الرغم من أن أصحاب هذه النظرية لا يدعون الى رفع اسم سوريا مثلا من قائمة الارهاب الأمريكية إلا أنهم يصرون على ضرورة الحديث مع سوريا والابقاء على القنوات الدبلوماسية.
وسوف تظهر الأيام القادمة أي من النظريتين ستفرض وجودها في واشنطن.وفي دمشق أفادت السفارة الاسبانية في سوريا ان وزيرة الخارجية الاسبانية آنا بالاسيو وصلت مساء الأحد الى دمشق واستقبلها ا الرئيس السوري بشار الأسد أمس الاثنين.
وقال مصدر رسمي اسباني ان بالاسيو اجتمعت أيضا مع أعضاء آخرين في الحكومة السورية وبحثوا الوضع نتيجة التهديدات الأمريكية لسوريا والتطورات على الساحة العراقية.
|