* عبدالرحمن الناصر:
حينما نتطرق لعقود الشركات الفنية مع الفنانين واختلافها وتنوعها يتبين لنا في المقام الأول الاستغلال الواضح لقدرات الفنانين دون إلزام لتلك المؤسسات بسبب عدم تكافؤ الأطراف واستغلال بعضهما البعض.. فلذا تنوعت المؤسسات في إبرام تلك العقود حسب امكانية بلوغ ذلك الفنان في الوسط الفني.. فهناك عقود احتكار لمدد معينة لا تقل عن خمس سنوات وهناك أيضاً عقود إلزام بمجموعة أعمال كالتي تتبع مع بعض الفنانين بمقابل مبلغ مادي مختلف ما بين هذا وذاك.. والغالب منهم يتبع في عقوده بنوداً إيهامية وتخديرية للفنانين وهنا نحاول أن نقرأ لكم هذا العقد المبين أمامنا وما مدى صلته بإدارة المطبوعات والتدقيق وحفظ حقوق فنانينا المبتدئين.. علماً أن المؤسسة التي وقعت العقد مع فنان مبتدئ هي مؤسسة معروفة ويمتلكها فنان معروف خليجياً إن لم يكن عربياً ونحتفظ باسم الفنان ومؤسسته.
الشركات أو المؤسسات الفنية تنتهج عقود الاتفاق مع الفنانين لإبرازها أمام وزارة الإعلام للتصديق عليه بناء على تواقيع الأطراف حين إبرام العقد وهذه العقود الفنية مع الفنانين لا يسري مفعولها إلا بعد فسح ونزول العمل الأول للفنان.. ومن الممكن ألا تقوم المؤسسة بإنتاج هذا العمل ومن ثم إيقافه عن مزاولة عمله الفني إلى أجل غير مسمى.
عملية تخدير
ودائماً عقود الاتفاق «الاحتكار» تأتي بتعريف الطرف الأول ألا وهو المؤسسة وممثلها والطرف الثاني هو الفنان المغلوب على أمره ومن ثم تأتي عملية التمهيد والتي تسمى «التخدير» إن جاز التعبير وهي إيهام ما تقوم به المؤسسة للفنان من جهد وهو الإنتاج بجميع المصنفات الفنية والموسيقية ومن ثم تسجيلها على الحوامل منها الصوت والصورة وما سوف يكشف عنه لاحقاً من اختراعات واستغلالها التجاري في المملكة وجميع أنحاء العالم، وهنا يجب التركيز بحيث إن الغالب منهم لا يتعدى موقعه الاقليمي ويأتي الطرف الثاني على أنه من الفنانين المبتدئين الذين يرجى لهم انتشار واسع وحيث أن الطرفين لهما الرغبة في إبرام هذا العقد وينضم لهما استفادة بعضهما من الآخر والأرجح الطرف الأول.. وهنا يأتي تفصيل الاتفاق على البنود التالية والتي دائماً وأبداً ما تضعها المؤسسة حماية لها وقوة فالبند الأول يوضح فيه أن التمهيد «التخدير» كما ذكرنا سالفاً ما هو إلا جزء لا يتجزأ من هذا العقد ومكمل لشروطه بل ومفسر للعقد..
أحتكار كامل لصوت الفنان
ويأتي البند الثاني وهو أن الطرف الأول يحتكر وحده صوت الطرف الثاني مدة العقد كاملة وهنا تأتي الرحمة فمنهم من يتجاوز الخمس والآخر أكثر بما في ذلك فترة التجديد وهنا يلتزم الطرف الثاني وهو الفنان بأن يؤدي بصوته للطرف الأول فقط مصنفات فنية غنائية مع الموسيقى أو آلة العود أو الجلسات على حوامل التسجيل.. ومؤسسات الإنتاج قد لا تتمكن بالتسجيل الموسيقي إما من السيولة المادية أو عدم الثقة بالفنان فلذلك وضعت له الخيار الأقرب وهو وضع صوته على آلة العود كأقل تكلفة وحرمانه من مداعبة صوته على آلات الموسيقى كاملة «أوركسترا».
التدخل في عمل الفنان وأختياراته
ويأتي البند الثالث وهو المهم ويقلب على جميع المؤسسات الفنية وضع هذا البند وهو الإشراف والتعديل على إعداد الكلمات وكذلك الألحان وهنا تأتي أسماء من هم أقل تكلفة وربما يفرض عليه وضع كلماته وألحانه بنفسه والغالب على مشرفي تلك الشركات من «الدول العربية» فكيف يتم وضع هذا الشرط «المزري» ودائماً تستمر البنود في مثل هذه الاتفاقيات.
يحق للشركة مالايحق للفنان
فالبند الرابع يفصل على جزءين الأول أن يتم إنتاج أعمال فنية حسب تقدير الطرف الأول ورحمته كما يحق له إلغاء أو فسخ العقد قبل انتهاء المدة ولا يجوز ذلك للطرف الثاني وهو الفنان والجزء الآخر من هذا البند أن بداية العقد تبدأ من تاريخ نزول أول عمل وليس لتوقيع الاتفاق سوى التاريخ وكذلك العقد يتجدد تلقائياً ما لم يخطر أي من الطرفين الآخر.
وقد حدث ذلك مع أحد فنانينا الكبار وإدارة الحقوق لا تتدخل مطلقاً الأمور المادية في مثل هذه العقود لا تأتي في بداية العقود إيهام لذلك الفنان بتعب المؤسسة وويلاتها في دعمه وبنائه كفنان لامع.
العمل دون مقابل
البند الخامس: يأتي في مقدمته التصغير لذلك الفنان والطرف الأول وافق على المغامرة بتقديم هذه الأعمال الغنائية وتحمل كافة مصاريف التنفيذ ومن سكن وإعاشة وتذاكر سفر وتنقلات وجميع ما يلزم لتجهيز العمل فلا بد لهذا الفنان أن يقدر ما تبذله المؤسسة من أجله «حسب وجهة نظرهم» فقد يوافق على عدد من الأعمال بدون مقابل وجميع الشركات هنا لا تقبل كأقل تقدير باثنين أو ثلاثة أعمال والغالب منهم أكثر من ذلك وبقية الأعمال تخضع لتقدير المؤسسة وقد تدفع ما تراه مناسباً لها فأين هذه التكاليف الباهظة التي «أوهموا» بها الفنان وجميع هذه المؤسسات تبدأ بتركيب صوته على آلة العود وهذا لا يكلفها شيئاً.. وهذا البند يتجزأ منه أن للطرف الأول «المؤسسة» حق إدراج أية أغنية ضمن هذا الشريط أو حذفها وهو ما لا يحق للفنان نفسه دون المناقشة أو الاعتراض وهنا يأتي دورهم كأكثر خبرة ووعي من ذلك الفنان.
حق التصرف كما يشاؤون
البند السادس: مهم للغاية وهو التملك بحيث يحق لهم استغلال ونسخ وتوزيع كافة أعمال الطرف الثاني وطبعها على كافة الوسائل ومنها أخذ أغنية أو أكثر لضمها لأي مجموعة منوعات سواء تحت إنتاجهم أو لغيرهم كما يحق للطرف الأول وحده حق التفويض لأي جهة أو أكثر لتوزيع أعماله بالصورة التي يراها مناسبة له ليس للفنان أي تدخل في ذلك .
استغلال صوته بموافقتهم فقط
وتأتي الالتزامات في البند السابع أن يلتزم الطرف الثاني وهو الفنان بحجب نفسه نهائياً ويترك الطرف الأول دون غيره في استغلال المصنفات الفنية الغنائية التي سيؤديها بصوته في الأفلام السينمائية أو المسلسلات أو البرامج التلفزيونية أو الإذاعية أو الفيديو كليب ويستثنى من ذلك أغاني الأفراح واللقاءات في الصحف والمجلات. ماذا يعني هذا البند هو الإغلاق والحجب النهائي حتى عن الإعلام المرئي وفي هذا البند التزام آخر ومهم وهو عدم الإقدام على أي تصرف قانوني قد يعرقل هذا الاتفاق كما هو أقر ووافق على البنود السابقة كما هو التزم في هذا البند بعدم التأخير عن المواعيد التي يحددها الطرف الأول لتركيب الصوت وتنفيذ الأعمال والتواجد بالأماكن الخاصة بالتسجيل وهنا تبين لنا بأن المؤسسة لا تتعاقد مع فنانين يملكون الحس المرهف والشفافية بالتعامل بل أنهم حسبوا أن ذلك الفنان آلة تنفذ ما طلب منها فقط..
بند الترضية فقط
والبند الثامن يمثل أن للطرف الأول الحق باتخاذ كافة الإجراءات النظامية التي من شأنها حماية حقوقه ومنع أي اعتداء فني يقع عليه سواء داخلياً أوخارجياً ومع ذلك نجد أنفسنا في ظل هذه الحماية عرضة للسرقات والتجاوزات الفنية فيما بين الفنانين.
نصف مليون ريال لو خالف شروطهم
والطامة الكبرى تأتي حين الشرط الجزائي بالبند التاسع في أي مخالفة للطرف الثاني وهو الفنان لأي من بنود هذا العقد أو رغبته في فسخه أو إلغائه فقد يلتزم بدفع مبالغ طائلة وأقلها نصف مليون ريال للطرف الأول دون قيد أو شرط كتعويض لما قد يصيبه من أضرار لقاء هذا الإلغاء.
أين إدارة المطبوعات
وقد تأتي البنود التالية كالبند العاشر أنه في حالة حدوث خلافات بين الطرفين يكون المرجع في ذلك إدارة المطبوعات فكم من قضية كسبها الطرف الأول لدى هذه الإدارة وعلى حد علمي أنهم يقولون في مثل هذه الخلافات «اذهب وتصالح معهم يكون أفضل».
مراسلاتهم عبر البريد فقط
الحادي عشر يفصل مدى بعد الأطراف فيما بينهما بحيث انه عند كتابة أي إخطارات أو إعلانات أو مكاتبات فيما بين الطرفين ترسل على العنوان البريدي ولا يعتمد بغير ذلك.
بند الموافقة على .. « الإعدام»
أما البند الثاني عشر فهو عن تحرير وتوقيع العقد على نسختين واستلام كل طرف نسخة منه موقعة وبلا شك ان هذه العقود محررة فالسابق فقط تكتب عليها الأسماء وتوقع.
... وبعد
الآن أين إدارة المطبوعات عن هذه العقود التي قضت على مواهب عدة أين هي عن هذه البنود التي تجير لصالح هذه المؤسسات المفلسة؟ إن هذا العقد القليل من الكثير والذي شاهدته فهناك شروط جزائية تصل إلى خانة الستة أصفار أي بالملايين. وهناك فنانون انتظروا سنوات طويلة حتى انتهاء العقد وهناك فنانون كبار لهم سمعتهم الكبيرة تورطوا بهذه العقود فمن ينصفهم ومن يحميهم عن أنياب هذه المؤسسات وهل هذه العقود تجير لصالح المؤسسات أم لإدارة المطبوعات.
|