بالتبادل مع السيطرة العسكرية الامريكية على العراق عملت اسرائيل على اظهار دورها القمعي المهيمن، الذي انحسرت عنه الاضواء بسبب التطورات العراقية، ومن ثم فقد عمدت الى التصعيد للفت الانظار الى ان خاصرتي الهلال الخصيب العربي بين فكي كماشة، وان هذا التزامن في الهيمنة على منطقتين عربيتين هو نموذج لما يمكن ان يحدث في اجزاء اخرى، وأن كل ما يحدث الآن هو ارهاصات لتكريس السيطرة الاسرائيلية على كامل المنطقة.
فالعدوان الاسرائيلي على مخيم رفح الذي اسفر عن سقوط خمسة شهداء هو الاكبر والاعنف من نوعه منذ 36 شهراً، ويعتبر رسالة اسرائيلية جديدة للتعبير عن رفض حكومة شارون لخريطة الطريق التي تدفع بها امريكا الى اطراف الصراع، اذ ان الخطة تنادي بوقف عمليات الاستيطان واقامة الدولة الفلسطينية، وهذه امور لاتتفق مع طموحات اسرائيل وخططها لاستيعاب المزيد من يهود العالم في مستوطنات جديدة.
ومن جانب آخر فان خطة الطريق تنص على وقف اشكال المقاومة بما فيها الانتفاضة وهذا امر تسعى اسرائيل الى جعله واقعاً، وهي تحاول القول ان ما تقوم به من هجمات ضد الاراضي الفلسطينية انما هو للقضاء على الذين ينفذون اعمال المقاومة لتبدو بذلك متوائمة مع خطة الطريق ومنفذة لها اي انها تختار مع ما يتفق مع رؤاها وتترك البنود الاخرى في الخطة في سياق التصور الاسرائيلي للسلام وهو تصور يتناقض كلياً مع اسس السلام العادي والشامل.
ويأتي العدوان الاسرائيلي الجديد على مخيم رفح بينما السلطة الفلسطينية تسعى لتثبيت تعيين رئيس الوزراء الفلسطيني، حيث تحاول السلطة بذلك الاستجابة لمطالب اسرائيلية وامريكية بتعين رئيس للوزراء لكن الاعتداءات الاسرائيلية تعرقل المساعي الفلسطينية بهذا الصدد ومع ذلك فإنه يتم القاء اللوم على السلطة الفلسطينية.
|