Monday 21st april,2003 11162العدد الأثنين 19 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لما هو آت لما هو آت
اليوم معكم
د. خيرية إبراهيم السقاف

حتى النَّصيحة، إنْ لم تُصبْ في قالب يناسبها، تفقد تأثيرها، ولا يتحقَّق الهدف منها...
ف«لكلِّ مقام مقال»، و«لكلِّ مجلس لباس»... وعلى الوتيرة ذاتها: لكلِّ نصيحة قالب ووقت...
والرسول صلّى الله عليه وسلم قال: «خاطبوا النَّاس على قدر عقولها» أو هكذا...
انطلاقاً ممَّا سبق كتب ع. أ. ف (والاسم كاملاً يُحفظ كما أراد صاحبه) يقول: «أنا معلِّم، لي في سلك التَّعليم أكثر من خمس عشرة سنة، وأرفض تماماً أن أتحوَّل إلى عمل إداري، ولعلَّ السَّبب تعلمينه سيِّدتي فأنتِ «معلِّمة» وإن اختلفت المستويات، وتدركين أهمية أن يكون الواحد منَّا معلِّماً، أحب مهنتي، وأسعى دوماً لتطويرها، وأراجع نفسي كثيراً، وأحصد الكثير من كلمات الثَّناء والقليل من تقدير المسؤولين، ويكفيني ما أتطلع إليه عند اللَّه سبحانه وتعالى من الأجر على أمانتي وحبي لعلمي وعملي...
المشكلة سيِّدتي المعلِّمة أنَّ إنساناً ذا خبرة مثلي لا يُؤخذ برأيه، ولا تقدَّر مقترحاته، ويقف المسؤول أمام أيِّ إنسان حتى لو كان طالباً من أبنائي يوجِّهني بما لا يدرك هو أنَّه غير مناسب لخبراتي... ولا لعمري ولا لتجربتي، ذلك لأنَّ اختيار إدارة المدرسة في جميع المدارس تحتاج إلى حسن تقدير وسلَّم طويل من النِّقاط والضَّرورات كي يكون الرَّجل المناسب في المكان المناسب. تحدثت إلى من اعتقدت بفهمه وصلاحياته... لكن لا حياة لمن تنادي، أدركت أن أموراً كثيرة في مجال التَّربية والتَّعليم تحتاج إلى أن ينفض كبار المسؤولين «النِّشا» عن ثيابهم وينزلوا إلى الميدان كي يقفوا بأنفسهم على ما يحتاج إلى «ترميم»، فنفوسنا تحتاج أوَّل ما تحتاج إلى ترميم كي لا نتكسر ونسقط... فكيف يتحقَّق احترام المعلِّم وحسن التَّعامل معه ولا أقول تقدير عمله لأنَّ من يخشى اللَّه في أمانته لا يحتاج لإنسان مثله يقدِّره، فالثَّواب محصود بإذن اللَّه وهو الغاية الكبرى.
إنَّني لكي استمر في عطائي وعملي بنفس مطمئنة تنعكس عليَّ فأجدد وابتكر وأنجح لا بدَّ أن أكون في بيئة واعية يعرف المسؤول فيها كيف يتعامل مع من يعمل معه. فأحسنوا اختيار المدراء ليس فقط في إمكاناتهم المهنية، بل في «إمكاناتهم» الأخلاقية، فالتَّعامل جزء هام من الأخلاق. هذا ما أقوله من خلال زاويتك التي أتعلَّم منها ما لا أتعلَّمه في هذا الواقع التَّربوي المؤلم سيِّدتي».
*** ويا أخي ع...
ما قلته لا حاجة لي أن أضيف إليه، ذلك لأنَّ البيئة التَّربوية لن تحقِّق نجاح الأهداف التي غالباً ما ترسم كلوحة فنية مزخرفة على الورق ما لم تجد من يحوِّل هذه الزَّخرفة الفنية إلى لوحة الواقع ويطبِّق قيم التَّعامل، ويشيع أسلوب التَّفاهم في رقي وحكمة ولين... وتقدير واحترام. ذلك لأنَّ مراكب التَّعليم لن تبلغ شواطئها إلاَّ بقبطانات حكماء هم المربُّون الأساس في هذه البيئة. ولعلَّ الجميع يدرك أنَّ شهادة دون تعامل حَسن لن تحقِّق لصاحبها ما يتطلَّع إليه من النَّجاح ليس على الصَّعيد الوظيفي، بل الإنساني في مؤسسات عملها الأوَّل يرتبط بتربية الإنسان. وفَّق اللَّه الجميع لتحقيق البعد التَّربوي من الآية الكريمة: {وّلّوً كٍنتّ فّظَْا غّلٌيظّ القّلًبٌ لانفّضٍَوا مٌنً حّوًلٌكّ} .

عنوان المراسلة: الرياض 11683
ص ب 93855

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved