عطر إلهي لا يعرف الكون أجمل عطر منه ولا أزكى، شذاه ينعش القلوب، ويروي عطشها، ويرقى بها إلى أعلى درجات الصدق واليقين، والإيمان برب العالمين، ما تكاد تهتز بأغصان تلاوته المباركة ألسنةُ الذين يتلونه حقَّ تلاوته مرتلين مجودين مزِّينين به أصواتهم حتى يشعر الكون كله بالسعادةِ الغامرة، والاطمئنان والراحة التي لا تتحقَّق إلا به، في هذه اللحظات يسري الشَّذى الزكي، وينتشر العطر النقي، إلى كل أفق من آفاق هذا الكون الفسيح، وكأنَّ كلَّ ذرَّةٍ من ذرَّات هذا الوجود تقول لصاحبتها: أَنصتي.. استمعي.. اخشعي استمتعي.. تأمَّلي.. ألا تسمعين هذه الأصوات النديَّة، تردِّد هذه الآيات القرآنية، ألم تعلمي أنَّ الجنَّ عندما سمعوا تلاوته من خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم قالوا: «إنَّا سمعنا قرآناً عجباً»، إي والله إنَّه قرآنٌ عَجَبٌ في ألفاظه ومعانيه، وبلاغته وبيانه، وقصصه وأخباره ومعجزاته التي لا تنقطع.
عطر القرآن الكريم.. هو الذي يُشيع في النفوس الهدوء، ويغسل القلوب من أدران الهموم، وآثار الذُّنوب، وهو الذي ينشر العَدْل، ويحفظ الحقوق، ويصدُّ عن أهله المؤمنين به الأخطار والشرور.
ونحن في بلادنا الطيبة نسعد ولله الحمد بهذا العطر النقيّ، والشَّذى الزَّكيّ من خلال هذا الانتشار الكبير لمراكز وجماعات وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم، ومن خلال المساجد التي تنبعث من مكبراتها تلاواتٌ لآياته العظيمة في صَلَواتٍ تتجه فيها القلوب إلى الله الذي بيده كلُّ شيء.
ومن خلال ملايين المصاحف التي توزَّع في أرجاء المعمورة منطلقة من ذلك المَعْلم الإسلامي الكبير في المدينة المنورة «مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف» ومن خلال هذه المسابقات القرآنية الكريمة التي تُعْنَى بتشجيع حفظة كتاب الله داخل المملكة وخارجها، سواءٌ أكانت المسابقة الدولية الكبرى التي تقام في مكة المكرمة، أم المسابقة الدولية لحفظة القرآن الكريم للعسكريين التي يرعاها سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز، أم المسابقة التي يرعاها الأمير سلمان بن عبدالعزيز.. هذه المسابقة التي تقام كل عام، ويستمتع فيها الناس بأجمل التلاوات القرآنية وأزكاها، وأجودها ترتيلاً وأداء.
إنها نعمة من الله تعالى أنْ تكون صلتنا بالقرآن الكريم دائمةً، وعلاقتنا به لا تنقطع، تلاوة وتدبراً وتطبيقاً.
سلمان بن عبدالعزيز يرعى هذه المسابقة وهو يعلم أنَّها أشرف مسابقة تُجْرى بين الناس، لأنها مرتبطة بكتاب الله تعالى الذي فيه الخير للبشرية كلها، وهو على يقين - ونحن كذلك - من البركة العظيمة التي تحصل من دعم ورعاية مثل هذه الأعمال الجليلة المرتبطة بكتاب الله عز وجل.
ومع أننا نسعد كلَّ السعادة بهذه المسابقة، وعطرها النقيِّ، وبهذا الدَّعم من راعيها - وفقه الله - إلاَّ أنَّنا نطمح إلى أن تتسع دائرتها ودائرات غيرها من مسابقات القرآن الكريم وتجويده وحفظه، لتشتمل على بحوثٍ تقدَّم في مجال الدراسات القرآنية، لتثري المكتبة الإسلامية، وكم هو جميلٌ أنْ تصدر عن هذه المسابقة «مسابقة جائزة الأمير سلمان بن عبدالعزيز لحفظة كتاب الله الكريم، مجلةٌ محكمة متخصصة في مجال نشر البحوث العلمية المتعلقة بدراسات القرآن الكريم، والبحوث الخاصة بجوانب الإعجاز العلمي في كتاب الله، وهو اقتراح يمكن أنْ تتحقق به مصالح كثيرة لهذه الجائزة المباركة، وصاحبها «سلمان» يقدر مثل هذه الأعمال، التي تزيد من مجالات خدمتنا لكتاب الله الكريم.
جزى الله كل من يرعى جانباً من جوانب خدمة القرآن الكريم خير الجزاء. وجزى صاحب الجائزة سلمان بن عبدالعزيز خير الجزاء.
إشارة:
كتابُ لله نبراسٌ وهديٌ به يُمحى عن الناس الشقاء
|
|