وجدت أصوات الشارع العراقي أصداء لها في مؤتمر الرياض للدول المجاورة للعراق، وبينما كانت التظاهرات العراقية عقب صلاة الجمعة تطالب بزوال الاحتلال، كان وزراء خارجية الدول الثماني يصيغون بيانهم الذي ركز أولاً وقبل كل شيء على ضرورة انسحاب قوات الاحتلال..
وعلى كلٍّ فهذا هو الصوت العربي الذي يتابع بقلق ما يجري في العراق، ويؤكد هذا التناغم بين ما يحدث في العراق ومؤتمر الرياض أن الأولويات واضحة مع الإصرار على أن زوال الاحتلال يتصدر هذه الأولويات.
بمثل هذا الوضوح ينبغي أن يتلقى الطرف الآخر المتمثل في الولايات المتحدة وبريطانيا وكل الدول التي لها قوات في العراق هذه الرسالة العراقية والعربية الواضحة المتمثلة في أن لا مجال لبقاء قوات أجنبية في العراق وأن وجودها يتعارض مع العملية التي تستهدف إفساح المجال أمام الخيارات العراقية لتتطور في سياقها الطبيعي، ومن غير ضغوط، نحو إقامة الحكم الوطني الذي يرتضيه الشعب العراقي..
ومن المهم أيضاً الاشارة الى تأكيدات التظاهرات العراقية على مسألة الوحدة الوطنية، بينما خاطب بيان الرياض هذه المسألة وأكد عليها.. في حين سيطرت الأجواء التصالحية على الأفق السياسي العراقي حيث دعت تظاهرات الجمعة الى الوحدة الوطنية بين السُنَّة والشيعة ومع كل ألوان الطيف السياسي للتركيبة العرقية والدينية والسياسية في العراق.
التأكيد على مسألة الوحدة الوطنية بين العراقيين هي الورقة الرابحة في مهام الحالة العاجلة وتلك المستقبلية. فالوحدة الوطنية تعني التوافق على إنقاذ الوطن مما هو فيه وعدم إثقال كاهله بمشاكل التناحر العرقي والديني والحزبي وكلها مهددات كبرى، تحدق بالعراق إن هو لم يستطع البرهنة عملياً على تجاوز المصاعب المرتبطة بهذه العناصر.
الوحدة الوطنية هي أيضاً التي تستطيع إقناع الاحتلال بالانسحاب، لأن أي خلل في الصف العراقي قد يتم استغلاله من قِبل القوات الأجنبية من خلال مناصرة هذا الطرف ضد الآخر أو الانحياز لفئة دون الأخرى.
يبقى من المهم أيضاً التأكيد على هذا التناغم بين هموم الشارع العراقي والمحيط العربي العام الذي يحتضن الهمَّ العراقي من خلال التأكيد على وحدة المصير والهدف ولعلَّ هذا يعجِّل بوصول العراق الى برِّ الأمان وهو محاط بكل هذه الرعاية من الأشقاء فضلاً عن عزمه هو ذاته على تجاوز المصاعب الماثلة أمامه بوحدته وإصراره على سلامة أراضيه وعدم انتهاك حرمتها.
|