من خلال متابعتي لسوق الأسهم من خلال موقع مؤسسة النقد وهو «تداول» ظهر خبر مفاجئ جدا وغير مسبوق ليوم الخميس الموافق 17/4/2003م، وهو بأن مؤسسة النقد ستوقف تداول أسهم شركة الاتصالات السعودية ليوم السبت 19/4/2003م لماذا؟ لأن شركة الاتصالات السعودية ستعلن نتائجها المالية للربع الأول لهذا العام 2003م، ولا أعرف أي مبرر يمكن أن يساق بهذا الخصوص لماذا الإيقاف للتداول لأسهم الاتصالات؟ وقد تم تبرير ذلك حتى لا تؤثر المضاربات المتوقعة على السهم نتيجة الإعلان عن النتائج؟ ولكن السؤال ألم تضع مؤسسة النقد هامش تحرك للسعر لأي شركة في سوق الأسهم السعودي مطروحة للتداول نسبة 10% ارتفاعاً وهبوطاً، إذا أين المضاربة وهي محددة الهامش السعري؟ هذا الإجراء من مؤسسة النقد سيعطي إيحاءً كبيراً جداً بأن نتائج الشركة ستكون مؤثرة على سعر السهم، وهذا الإجراء يعني دفع السعر لمزيد من الارتفاع فكأن مؤسسة النقد تقول للمستثمر والمضارب لا تتفاجأ من النتائج الكبيرة لشركة الاتصالات، برغم أن المحللين ومن يعرف قراءة السوق جيداً يدرك تمام الإدراك أن نتائج الشركة تتزايد كإيرادات وبالتالي أرباحاً، وعوامل ذلك كثيرة ولعل أهمها تزايد الطلب على الخطوط الثابتة والجوالة ونمو معدلها بنسب كبيرة جداً في ظل تكلفة شبه ثابتة أو غير متزايدة، وتقلص حجم الموظفين والتسريح الكبير الذي تم وأيضاً انخفاض الضريبة الحكومية من 27 إلى 20% وغيرها من الموارد، هذه معطيات يدركها الكثير ولا توجد أي سرية في ذلك، كذلك هناك التغيير الإداري المرتقب ودخول أعضاء جدد من القطاع الخاص مما دفع كثير من المساهمين وليس المضاربين لشراء كمية كبيرة من الأسهم، وهذا ما دفع سعر الاتصالات إلى الارتفاع الذي اعتقد أنه مبرر جداً في ظل معطيات كثيرة.
سهم الاتصالات قبل تاريخ 20 مارس من هذا العام أي قبل الحرب على العراق كان يراوح السعر 220 ريالا ارتفاعاً وهبوطاً عن هذا الحد، ثم بدأت الحرب وارتفع السعر وهي مضاربات بلا شك فكيف تبدأ حرب وترتفع الأسهم، ولكن لاعتبارات كثيرة حافظ السعر على الارتفاع لعل أبرزها ضمان تدفق النفط وحسم الحرب مبكراً، وحافظ السهم على تصاعده خلال الحرب واستمر بذلك حتى إغلاق يوم الخميس ووصل السعر إلى 50 ،261 ريالا وهو ما لم يصله سابقا وأغلق السعر عند 50 ،258 ريالا، وكانت المؤشرات تشير إلى استمرار السعر بالارتفاع كتوقعات لنتائج الربع الأول والأرباح المتوقع إعلانها وأن يصل السعر إلى ما بين 265 إلى 270 ريالا وأعيد التأكيد كتوقعات للمحللين ومن خط سير السعر خلال الأشهر الماضية وقرب إعلان نتائج الربع الأول ورغبة البعض بجمع أكبر كمية من الأسهم بعضها مضاربة والبعض الآخر لدخول مجلس الإدارة المتوقع تشكيله.
إن مؤسسة النقد بهذه الخطوة غير المسبوقة من إيقاف التداول لسهم الاتصالات يعتبر سلاحا ذو حدين، فهي قد توحي بأن السعر سيرتفع بأكثر مما ينبغي نتيجة نتائج الربع الأول العالية جداً، وهذا يعني ارتفاعا لسعر السهم قد يصل إلى 270 أو 280 ريالا خلال يوم أو يومين وأكثر وهذه هي قراءة المؤسسة وهي الخشية من الارتفاع للسعر وليس الخفض، رغم أن هامش التحرك للسهم كما سبق وذكرنا هو 10%! وارتفاع السعر بمجمله لن يكون هناك متضرر لأنها ستعني أرباحا تحقق، ولكن ماذا لو حدث العكس وانخفض سعر السهم لسبب أن نتائج الشركة متوقعة وليست مفاجئة كما تصورها مؤسسة النقد، والهبوط للسعر سيعني خسارة للجميع ولا يوجد رابح حتى المشتري خلال رحلة الهبوط سيخسر، إذاً من المستفيد لا أحد، فهل كان هدف مؤسسة النقد هو تصحيح سعر السهم؟ وهل ترى المؤسسة أن سعره مبالغ به؟ إذا كانت هذه هي الأسباب وتبريراتهم وهي افتراضات، فإن ذلك غير صحيح لأن السوق هو من يصحح نفسه، برغم كل المضاربات والتجميع والصعود والهبوط لكن السهم يعود إلى تحقيق قيمته التي فعلاً يستحقها ويثبت عندها، فلا تحتاج سوق الأسهم لدينا برغم صغرها وهي أكبر سوق مالي عربي، أي تدخل من مؤسسة النقد يكون مؤثرا سلباً أو إيجاباً على السهم، فوضع مؤسسة النقد حساس جداً في هذه الحالة فهي الجهة التي تفترض حيادية وعادلة جداً في سوق الأسهم، ويجب دراسة أي تدخل بسوق الأسهم، ولأنها سابقة غير مسبوقة وغير مفهومة حقيقة رغم كثرة الضوابط لدى المؤسسة، فلا أجد أي مبرر لتدخل مؤسسة النقد التي قد يأتي تدخلها سلبياً بدلا من أن يكون إيجابياً.
|