Sunday 20th april,2003 11161العدد الأحد 18 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بموضوعية بموضوعية
الانتصار الأمريكي هل ينقذ اقتصادها؟
راشد محمد الفوزان

يعاني الاقتصاد الأمريكي من حالة ركود شديدة، ومنذ نهاية فترة رئاسة الرئيس بيل كلنتون وتولى جورج بوش الرئاسة والاقتصاد الأمريكي يعاني من وضع اقتصادي صعب جداً، وزاد على ذلك أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي ألقت بظلالها على الوضع الاقتصادي الأمريكي بشكل عام وحتى خارج الولايات المتحدة، وزادت النفقات الحكومة الفيدرالية من خلال الحملة على الإرهاب والحرب ضدها في أفغانستان ولا تزال. صندوق النقد الدولي يشير إلى أن معدل النمو الاقتصادي المتوقع للولايات المتحدة هو 3 ،2 خلال عام 2003م، وإلى عجز في الحسابات الجارية يقدر بأكثر من 500 بليون دولار خلال عام 2002م فقط، وهذا يؤدي إلى ضعف الدولار الأمريكي وبالتالي إلى زيادة التضخم ونسب الفائدة، برغم أن البنك الفيدرالي الأمريكي يخفض بالفائدة حتى وصلت لحدود لم تصل لها منذ الكساد الكبير في الثلاثينيات «1929-1933م»، وبرغم أن ضعف الدولار يساعد في الميزان التجاري ولكنه لا يدفع الاستثمارات الأجنبية على التدفق، وتشكل المديونية للولايات المتحدة 32 تريليون دولار عجز وصل إلى 200 مليار دولار، وبطالة مرتفعة نتيجة الركود الاقتصادي وضعف أداء الشركات وتقلص عملياتها. كذلك انخفاض حجم الاستهلاك الشخصي وهو المؤشر المهم للقياس للحالة الاقتصادية، وسبب ذلك تدني الإنفاق وقلة الدخل والبطالة وفقد العمل والحالة الاقتصادية العامة التي فرضت على الكثير اتباع سياسة الادخار قدر الإمكان حتى في ظل تدني نسبة الفائدة غير المجدية.
هذا الوضع للاقتصاد الأمريكي المتردي والذي يعاني منه المواطن الأمريكي العادي، أو الشركات، أو الحكومة نفسها، حتى أن الحكومة لجأت لخفض نسبة الخصم للمواطن الأمريكي من الضرائب كما وعد بها الرئيس بوش خلال حملة الانتخابات الرئاسية عام 2000م لدعم المجهود الحربي الأمريكي في العراق وقد وصل المبلغ الممنوح من قبل الكونغرس إلى 75 بليون دولار، وبالتالي تقلص خصم الفائدة للمواطن الأمريكي من الضرائب، مما يعني انخفاض الدخل وبالتالي تقلص الإنفاق والأثر الاقتصادي السلبي في ذلك. لهذه الأسباب تتضح حالة الاقتصاد الأمريكي الذي يتجه إلى أن يستمر على هذا المسار وهو الإفلاس «Bankruptcy» وهذه العبارة ليست للمبالغة بل هي انعكاس لوضع حقيقي يعيشه الاقتصاد الأمريكي، برغم أنها الدولة الأكثر أهمية وتأثيراً وقوة في العالم ولكن للمحافظة على هذه السيطرة العالمية فهي تحتاج اقتصاداً قوياً ومتماسكاً ونفقات مالية ضخمة جداً ليس لدى الإدارة الأمريكية الاعتمادات المالية الكافية للايفاء بها على المدى الطويل، وهذه الحرب الأخيرة والتي حقق بها الأمريكيون انتصار ساحقاً على العراق وبأقل خسائر بشرية!! وتقدر تكلفة الحرب وبتصريحات أمريكية برقم يصل إلى 100 بليون دولار، فمن سيغطي هذه التكلفة؟ ومن سيدفع ثمن دعم الدول المجاورة مالياً كما هي الحالة التركية؟ ومن سيبني العراق المنتظر المنهار كبنية تحتية؟ وعقود البناء والبترول ستمنح لمن؟ ولعل الأهم من كل ذلك الأثر الناتج عن هذه السيطرة على مقدرات العراق النفطية وثروته على الاقتصاد الأمريكي ككل، ليس لليوم أو لسنة قادمة بل لسنوات قادمة.
العراق يعتبر من أهم مصادر الثروة النفطية في العالم ويصرح الأمريكيون بذلك مباشرة وبوضوح تام، وصرح نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني بأن النفط العراقي سيستأنف تصدير خلال أسابيع أو أشهر وبإنتاج 2 مليون برميل تقريباً وسيساهم ذلك بشكل رئيس بخفض الأسعار إلى الحد الذي تستهدفه الولايات المتحدة من خلال زيادة المعروض النفطي، وسيتم تغطية الكلفة لكثير من نفقات الحملة العسكرية، فالعراق بمعنى آخر شنت الحرب بأمواله وسيبنى بأمواله؟!! الولايات المتحدة وجدت في العراق الملاذ والمنجد الآمن مالياً واقتصادياً لها، فحين تحصل من خلال سيطرتها على العراق، ومن بعدها على نفطه بسعر منخفض السعر وكما تستهدفه فإن ذلك سيمنحها وفراً اقتصادياً لا حدود له فكل دولار منخفض يعني مزيداً من المليارات وفراً لها وإيرادات أكثر، وستنخفض تكلفة الطاقة لديها بما يعني انخفاض الضريبة على النفط للمستهلك في الولايات المتحدة وهذا سيحقق وفراً للمستهلك لتوجيه هذا الوفر لأوجه إنفاق أخرى تدعم الاقتصاد الأمريكي، وهذا يؤدي بالتالي إلى تخفيض التكلفة على المواطن الذي سيعيد ضخ هذا الوفر في اقتصاده المحلي ودفعه للنمو.
يجب ألا ننسى أن العراق لديه التزامات مالية كبيرة ما بين ديون وتعويضات تصل إلى 400 مليار دولار، وإعمار وبناء يحتاج إلى ما لا يقل عن 100 مليار دولار، وأن العراق قد نهب وسلب وأصبح مهدماً كبنية تحتية ويحتاج إلى كثير من البناء، كل هذه المطلوبات على الجانب العراقي لم توضع بجدول النفقات الأمريكية التي لها الأولوية في سد نفقاتها وتصدير النفط وخفض أسعاره، وهذا يحتاج إلى سنوات لبناء عراق جديد اقتصادياً قبل أن يكون سياسياً، وقد لا تحتاج الولايات المتحدة لسنوات طويلة لعودة الاقتصاد الأمريكي للنمو والانتعاش وعلى حساب النفط والثروة العراقية.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved