قالت عدمتك ما رأيتك باكيا
رغم الجروح وما بنا من بؤس
هل كان قلبك قطعة من جلمد
أم كنت فينا فاقداً للحس
أو ما ترى أوطاننا قد أصبحت
نهب العدو أخي الخفا والرجس
وغدت منابر قدسنا لعلوجه
مهوى لكل معاقرٍ للكأس
والقدس أمسى حانة في ظلها
يبغي البغاة وكل طاغٍ نجس
والصخرة العصماء مسرى أحمدٍ
باتت تئن بما جرى في القدس
يعلو عليها كل علجٍ كافر
ما كان يوماً حالماً باللمس
كم من قناة قُدَّمنها ثوبها
فجرت دماء عفافها بالبخس
فتردد الآه الحبيبة حسرة
حيث الحياة تجللت بالرجس
وبنو أبيها والحماة تساقطوا
بيد الردى يا للردى من نحس
أكذا العروبة أم كذا تاريخها
أم غيبت أمجادها في الرمس
أم دق ألف حماتها وهم الآلى
ردُّوا الصليب محطماً بالفأس
حطين تبكي وهي تذكر عهدهم
عهداً تلوَّن أفقه بالورس
والخيل تعثر بالجماجم فوقها
أسد تصاول بالفنا والترس
لا يرهبون عدوهم لو أنه
مثل الجبال تدافعت في دمس
رهبان في جنح الظلام وأنهم
عند اللقاء فوارس في عرس
فأجبت يا أخت الرزايا كفكفي
دمع العيون وأبشري بالقدس
فلسوف يأتي قائد ذو مِرّة
يسعى إليك بكل ندب نطس
والجيش تحت لوائه متعطشاً
يهوى المنون كرشفة من كأس
ويرى الحياة بغير قدسي ذلة
لم يرضها ذو عفة أو حِسّ
يا أخت ما آن الأوان لتصبري
حذر الهلاك وموبقات اليأس
وخذي بناصية الشباب لعلَّه
يغدو كريماً في اللقا والبأس
وعسى صلاح آخر من بينهم
حُرٌّ يلمُّ شتاتنا كالأمس