يتأكد في سياق التطورات أن الضغوط الأمريكية على سوريا ترمي الى تحقيق عدة أهداف في ذات الوقت غير أن وسيلة تحقيق هذه الأهداف تعمدت الابتعاد عن النهج السلمي واعتمدت مسلكاً يقوم على التهديد والوعيد وأن ذلك قد يكون امتداداً للروح العسكرية المتفاعلة في العراق المجاور حيث تبدو الولايات المتحدة مزهوة بما تحقق لها حتى الآن.
ولأن حالة الحرب هي المهيمنة على السياسة الأمريكية والقرار الأمريكي، فإن اللمسة العسكرية لا تفتأ تفرض نفسها في جميع السياسات الصادرة من واشنطن.
على ان الجانب الآخر الذي يتلقى هذه السياسات، سواء كانت سوريا أم غيرها، تثيره هذه النبرة العسكرية في التعامل مع أمور كان ينبغي التعاطي معها ضمن القنوات الدبلوماسية أو بأسلوب الحوار الهادىء.
وفيما يتصل بالأهداف فإن الولايات المتحدة التي توجد بثقل عسكري كبير في المنطقة ترمي قبل أن تسحب كل هذه القوى إلى أن تكرسها لخدمة سياساتها.. فالاستحقاقات التي ينبغي على واشنطن مواجهتها تشمل أيضاً السلام العربي/ الاسرائيلي وتعتبر سوريا أحد الأطراف الرئيسة في هذا الصراع باعتبار ان أرضها محتلة من قِبل إسرائيل وباعتبار ثقلها السياسي ومواقفها تجاه النزاع ومن هنا فإن واشنطن تسعى، مدعومة بثقلها العسكري الغريب الى الضغط على سوريا في إطار مناصرة إسرائيل لتحقيق السلام الذي يتفق مع الرؤى والتطلعات الاسرائيلية وليس ذلك السلام العادل الذي تدعمه عشرات القرارات الصادرة من مجلس الأمن الدولي.
والى جانب اللهجة العسكرية فإن واشنطن فضلت في إحدى مراحل أزمتها مع سوريا التلميح إلى إمكانية العمل الدبلوماسي الهادىء بإعلان وزير الخارجية الأمريكي عزمه على زيارة دمشق مع التلميح أيضاً الى أن ما حدث مع العراق ليس بالضرورة أن يحدث مع سوريا وأنه ليست هناك قائمة أمريكية بالدول التي ستغزوها واشنطن.
وحتى هنا فإن الدبلوماسية يبدو أنه يتم تكريسها لخدمة اللهجة العسكرية المتشددة التي ترمي إلى الضغط على سوريا في إطار النزاع العربي/ الاسرائيلي وإرسال رسائل إلى الآخرين بضرورة الانتباه الى ما يجري تحت أنظارهم من تطورات تتحكم فيها القوة العسكرية الأمريكية.
|