السلوك القويم ينبني في الانسان منذ صغره، فمن الصعب ان تستميل من ترى على الاخلاق الى الرذائل، وليس من الغريب ان يكون من تربى على الخلق الرديء رديئاً، من هنا تكون التنشئة الصالحة السوية، وتكون التنشئة المجانبة للصواب، فكيف نستغرب بعض السلوكيات الخاطئة، سواءً كانت دينية او اجتماعية في بيت هو في الاساس خرج على المجتمع متبجحاً وعلى الدين معانداً، من هنا يتكون لدينا جيل منفلت بكل ماتحمله هذه الكلمة من معنى، سواءً كان في اللبس، او في طريقة الكلام، او في التسكع في الاسواق، او غيرها، والعرب تقول «كل اناء بما فيه ينضح» و«تلك العصا من تلكم العصية، ولا تلد الحية إلا حوية» والشيء من معدنه لايستغرب.
البيت الذي لم يتعرف على طرق التربية الحديثة، ولم يتمسك بالطرق التقليدية القديمة، خرج من القديم، ولم يدخل الى الجديد الصحيح، فاصبح بين عصرين، فضاع اولاده نتيجة لعدم الفهم لمعنى الحضارة، وهروباً من القديم الاصيل، ومن هنا نشأ اولاده على تربية انفسهم بانفسهم، فلا امر ولا نهي، ولا عتاب ولا عقاب ولا سؤال، ووضع الحبل على الغارب، ثم في النهاية اصبح اولاده عالة على المجتمع، فمن المسؤول الاول؟
ان الاب ودون ادنى شك هو الذي يتحمل المسؤولية، نحن نعرف ان الهادي هو الله، وان المضل هو الله، ولكن هل يستسلم الاب للاقدار دون فعل الاسباب؟ هذه اصل المشكلة، رجل يراكم الاولاد ويتركهم للاقدار، ثم النتيجة انحراف، ومسالك شيطانية، وشلل مشبوهة واجتماعات خاملة، نحن نعاتب الاب فأين دوره؟ نعم ماذا صنع لاولاده من ملاحظة وتربية وعناية، بحيث لايحتاجون الى الآخرين، اين دوره في حفظ بناته وهو يعلم انه سيسأل عن كل هؤلاء امام رب العالمين.
ان المشكلة ليست في الزمان ولا في المكان بل المشكلة فيمن جعل همه القاء اللوم عليهما.
هل خصصت وقتاً لتربية اولادك؟ هل انت قدوة حسنة لهم؟ لايمكن ان يعذر الاب امام المجتمع وامام رب الارباب، نعم فنحن نحتاج الى الاب المربي، الاب الملاحظ، الذي يحمل هم اولاده بامانة.
الذي يتمعن في قول الرسول صلى الله عليه وسلم «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالرجل راع ومسؤول عن رعيته».
ما احوجنا في هذا العصر الفضائي والتقني الى مضاعفة الجهد نحو اولادنا، وعدم الاستسلام لتربية الآخر، ثق ايها الاب ان تربيتك هي التي ستتأصل في اولادك، ولن يستطيع الاخر ان يميلهم الى كنفه اذا اخلصت النية وتوكلت على الله، ومن هنا نتأمل قول الشاعر:
ومن رعى غنماً في ارض مسبعة ونام عنها تولى رعيها الاسد
|
|