* جدة حسن محني الشهري:
ما زال الجرح غائراً
ولا زالت الذكرى مؤرقة
ولا زالت الرائحة العبقة تملأ الزمان والمكان.. والشواهد في كل الاتجاهات.
فقامة سامقة كقامة الأمير الراحل ماجد بن عبدالعزيز أصلها ثابت وفرعها في السماء ستظل تاريخاً شامخاً لإنسانية أمير محبوب فُجع الجميع برحيله وتجرعوا صبراً أليماً بوداعه الأخير.
هذه العبارات وغيرها من المراثي الحزينة تجلت على وجوه وأعين المحبين - وهم كثر جداً - للأمير ماجد بن عبدالعزيز وعلى وجه الخصوص أولئك الذين عملوا معه وتحت قيادته.
اللواء متقاعد يحيى سرور الزايدي كان واحداً من أولئك الذين أبكتهم الذكرى وهو يسترجع شريط ذكريات عقود من الزمن من العمل مع واحد من رجالات المملكة المؤثرين الفاعلين الأمير ماجد بن عبدالعزيز.
أول لقاء..
يقول اللواء «م» يحيى سرور الزايدي:
كان أول لقاء تشرفت فيه بمقابلة صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبدالعزيز عندما كان وزيراً للبلديات حيث كانت له زيارة في فندق إنتركونتيننتال بمكة المكرمة، وكان لقاء بالنسبة لي يمثل تاريخاً لن أنساه.. إذ شعرت حينها أن الأمير ماجد - رحمه الله - يحرص على معرفة الآخرين بصورة شخصية رغم كثرة المسؤولين والأشخاص الذين يلتقيهم من واقع عمله.
أميراً لمنطقة مكة المكرمة
بعد فترة - والحديث للواء «م» يحيى - تم تعينه أميراً لمنطقة مكة المكرمة وكنت آنذاك قائداً للمرور السيار في مكة المكرمة.. ثم بعدها تم تعيني مديراً لإدارة مرور مكة المكرمة ومن حينها وأنا أعمل تحت قيادة سموه الذي غمر الجميع بتعامل الأخ الأكبر مع جميع من يعملوا معه إذ لم نشعر بأن ثمة فوارق حتى في أسلوب المخاطبة والتوجيه لنا سواء كان يوجه العسكريين أو المدنيين الذين يعملون معه..
كان - رحمه الله - يتعامل معهم كأصدقاء وأحبه.. واستطاع من خلال أسلوبه هذا أن يجعل من يعملون حوله يضاعفون الجهد في البذل والعطاء دونما أمر من سموه لهم وإنما محبة من الجميع فيه وفي العمل تحت قيادته لأنه أول من يعمل وأول من يبذل ويعطي ويقدم النشاط المكثف والمضاعف منه كقائد في كافة المواقع والأزمنة.
ظروف الخطط المرورية
ويستطرد اللواء «م» يحيى وفي عباراته نبرة حزن لم تفارقه: مرت بنا ظروف ومتغيرات تطويرية على مستوى مرور مكة المكرمة في مواسم الحج كنا نحاول أن نخفف ضغط وزحام الحجاج وكان سموه يرحب بكل فكرة تزيل عن كاهل الحجاج هم الزحام الكبير الذي كان يقض مضاجع المسؤولين وعلى رأسهم الأمير ماجد بن عبدالعزيز ولذلك كان سموه داعماً للخطط المرورية في الحج والتي كان فيها نقل الحجاج بالباصات كفكرة لتجاوز الزحام الكبير في السيارات خلال موسم الحج ولتخفيف حدة الاختناقات المرورية والتي كانت فكرة سبقت الاتفاق التي حلت مشاكل الزحام في مواسم الحج إلى حد كبير.
الحاج والقائد والإنسان
ولكم كان لسموه من المواقف الإنسانية في حج كل عام تجاه حجاج بيت الله ضيوف الرحمن الأمر الذي جعله أنموذجاً للأمير الحاج الإنسان.. الذي يتعامل مع اخوانه الحجاج بقلب ووجدان الإنسان المسلم في تلاحمية إسلامية كان يتجلى فيها الأمير ماجد بن عبدالعزيز بمواقفه الأخوية والإنسانية مع الحجاج خلال مناسك الحج.. يقف معهم.. يحل مشاكلهم.. يسهر على راحتهم بما يتجاوز مسؤوليات الأمير المسؤول إلى الأمير الإنسان.
رجل خير..
ويضيف لقد لاحظت خلال سنوات طويلة من العمل مع سموه بأنه يضع في أولويات اهتمامه الاهتمام بالفقراء والمساكين والمعوزين ولذلك و جدنا على قائمة اهتماماته تشجيع الأعمال الخيرية في المشاريع المباركة من مساكن داخل وخارج منطقة مكة المكرمة.. وهو عمل يحسب لسموه ندعو الله أن يجعله في موازين حسناته.
علمنا الحكمة والصبر وكظم الغيظ
مما تعلمناه من سموه يقول اللواء «م» يحيى:
هناك من الصفات والسجايا ما تعلمناه من سموه بطرق غير مباشرة كأسلوبه في التعامل مع من يعمل معهم وهو كظم الغيظ لدرجة أن الشخص يشعر أن الأمير ماجد - رحمه الله - غاضب عليه لموقف ما ولكنه لا يشعرك بذلك.. لا يتعامل معك بأسلوب الغاضب وإنما يشعرك بأهميتك.. و أن الخطأ يمكن أن يحدث ولكن الخطأ الأكبر هو الإصرار عليه أو تكراره.
بسيط مع الجميع
ليس المقام هنا يسمح بالحديث عن شخصية الأمير ماجد متكاملة أو جزء منها فذاك يعد تاريخاً ضخماً صنعه هذا الرجل خلال عقود من الزمن بكفاءته العالية وقدراته الإدارية المتميزة وحنكته في التعامل مع الأحداث والآخرين.. ولكنها بعض من مواقفه الإنسانية التي يسمح بها المكان في هذه المقابلة.. فماجد الأمير كان قبل أن يعامل الآخرين كأمير كان يسبقنا إلى الحضور إلى المناسبات العادية والصغيرة والخاصة جداً التي تستغرب كيف يمكن لمسؤول كبير تحيط المسؤوليات بوقته أن يلبي العديد من الدعوات الخاصة على مستوى المواطنين.. ناهيك عن حضوره كافة المناسبات وخاصة فيما يتعلق بنشاطات رجال الأمن في المعارض والتوعيات وزيارتهم في المراكز.
كان سموه داعماً لكل أمر يمكن أن يخدم المجتمع في أي جهة كانت.
وسبق وأن ذكرت بأنه رجل محب للخير ويقوم بنفسه بزيارة المعوزين والمحتاجين..
وكان مكتبه على المستوى العملي والإداري مفتوحا كذلك منزله العامر بالحب كما كان صدره كبيراً حوى الجميع.
رحم الله أمير القلوب الأمير ماجد الذي كان نعم الأمير القائد المخلص لدينه ومليكه ووطنه.
|