* طريف - محمد بن راكد العنزي:
قد يكون انتهى منذ شهر تقريباً موسم جمع الفقع، ذلك النبات البري الغريب الذي ينبت مع هطول اول القطرات من امطار الوسم المعروف والذي يكثر ظهوره بشكل كبير في براري الشمال بوجه عام، ويتوجه عندها كثير من الناس افراداً وجماعات للبحث عنه وجمعه لما له من قيمة غذائية او بيعه والحصول على مكاسب مادية من ورائه، غير ان تلك الذكريات الطريفة والغريبة التي يمر بها الافراد كل عام نتيجة الخروج لجمعه في الرحلات البرية لاتزال مواقفها راسخة في اذهان الكثير من الناس.
حيث يقول «ماجد سعود»: خرجت انا ومجموعة من الاصدقاء في ثلاث سيارات واتفقنا على الانتشار بحيث تذهب كل مجموعة في جهة للبحث عن الفقع على ان نجتمع من بعد صلاة العصر في مكان حددناه مسبقاً، وقد خرجت انا لوحدي في سيارتي ونتيجة للبحث الطويل في البر وكثرة الدوران بالسيارة في عدد من المواقع التي كنت انظر فيها طيلة الوقت من نافذة السيارة الى الارض بحثاً عن نبات الفقع ولم ارفع رأسي طوال تلك ن نبات الفقع ولم ارفع رأسي طوال تلك المدة لمعرفة الاتجاهات ومدى ما قطعته من مسافات ولذا فقد تهت بسيارتي في البراري ولم اعد اعرف اين انا بالضبط ولا الى اين سأتجه حتى انقطع بي البنزين نتيجة كثرة الدوران بالسيارة وبقيت في مكاني انتظر المساعدة، اما زملائي فقد عادوا لمنازلهم وظنوا انني قد سبقتهم الى المدينة غير انهم في اليوم التالي عرفوا انني تهت بعد ان تغيبت عن العمل وتأكدوا من ذلك بالاتصال بأسرتي التي عرفوا منها انني لم ارجع الى البيت، وقد خرجوا مع مجموعة من الزملاء والمعارف في رحله للبحث عني حتى وجدوني نائماً في سيارتي.
ويقول فايز حمود الشمري: دخلت في وسط ارض متشابهة ونزلت من سيارتي للبحث في هذا الموقع عن الفقع، ويبدو انني قد قطعت مسافة طويلة دون ان ادري بالمسير حتى اقتربت الشمس من المغيب وعندها اردت العودة الى سيارتي بعد ان جمعت كمية لا بأس بها من الفقع غير انني ونتيجة للظلام الدامس والارهاق فقد اضعت سيارتي التي ابتعدت كثيراً عنها في سيري على الاقدام،
وقد بقيت لساعات ابحث عنها حتى اعياني المسير مما جعلني اترك حصيلة ما جمعته من فقع بسبب التعب والاجهاد، وعندما يئست من العثور عليها اضطررت عندها للنوم في العراء لحين ظهور النور لعلي ارى بشكل واضح، ووجدت مع طلوع الفجر انني طوال الليل كنت ادور في حلقة مفرغة بينما كانت السيارة لاتزال قريبة مني جداً ولكن يبدو ان للظلام دورا في ذلك.
ويشير ماجد فرحان العنزي الى ضرورة اخذ الحيطة والحذر عند القيام برحلات برية لجمع الفقع حيث يصاب الانسان في احيان كثيرة بهستيريا البحث ويتناسى معه مرور الوقت والبعد عن المكان نتيجة للنظر في الاسفل والبحث في الارض عن اي شيء يدل على وجود هذا النبات الثمين، مما يوقع كثيرا من الناس في مواقف هم في غنى عنها وخاصة تلك الاسر التي يوجد معها عدد كبير من الاطفال، فهؤلاء اول ما يصلون الى البر ينتشر كل منهم في جهة معينة للبحث والجمع متناسين اطفالهم، وذلك كما حدث لاحد الاشخاص حيث لم يعلم بفقدان ابنه البالغ من العمر اربع سنوات الا بعد ان قطع مسافة عشرة كيلومترات والحمد لله انه قد تذكره قبل ان يقطع مسافة بعيدة والا لاضطر الى البحث عنه طوال اليوم.
ويقول محمد عايد: المضحك حقاً ان عددا من رعاة الاغنام من الجنسيات النيبيالية والبنجلادي شية والذين لا يوجد الفقع في بلدانهم ولا يعرفون عنه شيئاً قد اكتسبوا الخبرة مما يشاهدونه كل عام من تلك الاعداد الكثيرة من الناس التي تنزل حولهم لجمع الفقع، حيث قام هؤلاء بعد ان عرفوا قيمته المادية التي تهمهم اكثر من قيمته الغذائية بترك اغنامهم والقيام بجمعه واعطائه لصاحب الاغنام او زملائه لبيعه لهم مقابل اقتسام القيمة.
فيما يتذكر قصة حدثت له حيث يقول خرجنا للبر ذات يوم وقد نسينا ان نتفقد السيارة ومعداتها وبعد دخولنا في احد الاماكن البرية الشديدة الوعورة انفجر احد الاطارات، وعندما هممنا باصلاحه لم نجد معه الاطار الاحتياطي مما اضطرنا الى المسير على الاقدام لمسافة طويلة حتى وصلنا مع غروب الشمس الى راعي اغنام حيث تناولنا معه تلك الليلة العشاء ونمنا عنده الى اليوم التالي حتى وصل كفيله الذي ساعدنا على اصلاح السيارة بعد قضاء ليلة باردة في البراري والتي نمنا فيها ولاول مرة في حياتنا في الخلاء.
اما الشاب نواف الرويلي فيقول: تحداني عدد من الاصدقاء في احد المجالس ذات ليلة بأن احضر لهم فقعاً من البر، وقد قبلت التحدي على مضض حيث خرجت يوم الخميس الى البر وانا امني نفسي بصيد وفير غير انه قد خاب ظني حيث عدت بخفي حنين حيث لم اجد ولو حبه فقع واحدة،
وخوفاً من التهكم عليّ من قبل الاصدقاء فقد اضطررت لشراء اربعة كيلوات من الفقع مما جعلني اخسر بالاضافة الى المشقة والتعب والبنزين مبلغاً آخر في شراء فقع لهم حيث تناولوه ولم يبذلوا فيه شيئاً مما بذلته من جهود، ويبدو انني لن اعود في المستقبل الى التحدي ابداً مع احد من الناس.
|