آثار سلبية للأزمات والحروب الدولية تكون أشد وطأة على العديد من الاقتصاديات العالمية.
أكبر الكاسبين من الأزمات والحروب هي الدول الكبرى.
من سيكسب جزءاً أو كل الكعكة القادمة؟!
كانت هناك نظرية اقتصادية فحواها أن بعض الاقتصاديات التي تواجه ركوداً وتباطؤاً تسعى للتغلب على ذلك ببعض الممارسات والوسائل التي منها محاولة السيطرة على اقتصاديات أخرى لإنعاش اقتصادها وفتح أسواق جديدة أمام شركاتها العملاقة والتي وضح في الآونة الأخيرة أنها تواجه منافسة كبيرة في الأوراق العالمية فتحاول اقتصاديات هذه الدول فتح أسواق جديدة لمثل هذه الشركات ولو بالحرب وذلك من أجل السيطرة على ثروات بعض المناطق في دول العالم.
ولكن الملاحظ لواقع المؤسسات الاقتصادية الغربية عموماً والمؤسسات الأمريكية خصوصاً يجد أن هناك إفلاسات وانكماشات في كثير من القطاعات الاقتصادية كقطاع الطيران والسفر والسياحة وقطاع الشحن والنقل وقطاع التأمين والقطاع المصرفي وسوق الأسهم والسندات.. وكثير من قطاعات الخدمات.
وتطالعنا وسائل الإعلام المختلفة بأزمات اقتصادية عديدة تمر بها كثير من دول العالم المختلفة وبعض هذه الأزمات يرجع إلى مضاربات يتحكم فيها الأقوياء في الأسواق العالمية وبعضها يرجع إلى حروب ونزاعات سياسية يتولد عنها خسائر بشرية ومادية وتؤثر بلا شك في اقتصاديات كثير من الدول وقد تتخذ بعض الاقتصاديات مثل هذه الظروف لتحسين أداء اقتصادها وحركته وانتشاله من الركود ولكن يبقى السؤال قائماً.. هل من الممكن أن تكون الحرب وسيلة لتحريك وإنعاش اقتصاد على حساب اقتصاد آخر؟!
إن الحركة الاقتصادية على مستوى العالم في الفترة الأخيرة قد شهدت تباطؤاً واضحاً خاصة في الاقتصاديات الكبيرة مثل الاتحاد الأوربي واليابان بل ظهر بصورة أوضح في حالة الركود التي أصابت الاقتصاد الأمريكي لذا سعت تلك الاقتصاديات الى البحث عن مصادر تبث الحياة فيها نظراً لحالة الركود التي أصابتها ومن أمثال الحركات التي مورست أو بالأحرى المضاربات في الأسواق المالية العالمية وسوق الأسهم الأمريكية وكما ظهر ذلك جلياً في أزمة النمور الآسيوية والتي أحدثت صدى كبيراً واضطراباً واضحاً في أداء مثل هذه الاقتصاديات وأثرت بشكل مباشر على اقتصاديات تلك الدول والتي كانت في طريقها إلى تحقيق معدلات نمو اقتصادي جيد على المستوى المحلي والإقليمي وكذلك تحقيق تقدم اقتصادي عالمي.
لقد ذهب بعض المحللين والكتاب في بعض وسائل الإعلام إلى أن سبب الأزمات الدولية الحالية راجعة إلى أسباب اقتصادية واضحة وقد ورد في مقال نشر بجريدة «الوفد» المصرية في عدد صادر في الشهر الماضي أن الغرض منها هو السيطرة الاقتصادية وحدد بعض المحللين أهداف افتعال مثل هذه الأزمات فيما يلي:
1- وضع اليد على منابع البترول للسيطرة على اقتصاديات العالم.
2- تحريك الركود الاقتصادي الموجود في الدول الاقتصادية الكبرى.
3- ضرب اقتصاد دول منافسة والوقوف أمام تقدمه وهذا واضح بصورة كبيرة فيما يحدث في الاتحاد الأوربي ومنافسته الشرسة وتكتله لمواجهة هيمنة وسيطرة الاقتصاد الأمريكي على كثير من الأسواق العالمية.
4- القرب من المناطق الاقتصادية الناشئة خاصة في آسيا وفي مقدمتها العملاق الاقتصادي الصيني ليسهل الدخول فيها ومعرفة أسرارها للسيطرة عليها.
لذا فإن الملاحظ للمتغيرات الاقتصادية والدولية الحالية يجد أن محور تحركها هو الجانب الاقتصادي والعمل على إنعاش الاقتصاد الراكد والمباطيء بأي وسيلة حتى ولو كانت بواسطة حرب تسيطر بعض تلك الاقتصاديات الكبرى على منابع الثروة في العالم لتضيف إلى اقتصادها مصدر دعم آخر ينتشل ويدعمه في مواجهة غيره من الاقتصاديات العالمية خاصة بعد ظهور الصين والهند كعملاقين اقتصاديين قادمين ينافسان بقوة في الاقتصاد العالمي.
إلا أن الملاحظ يجد أن وجود الأزمات الدولية والحروب لها تأثيرات سلبية في ارتفاع رسوم الشحن والتأمين على حركة النقل بصفة عامة سواء النقل الجوي أو البحري أو البري مما سيرفع من أسعار المنتجات وستتأثر شركات الطيران بالمنطقة والشركات السياحية ومشاريع السفر والتنقلات وقطاع البناء والتشييد نتيجة توقف حركة الطيران من وإلى دول المنطقة أثناء فترة الحرب، وكذلك انكماش قطاع العقار.
إن الملاحظ للأزمات الدولية والحروب سواء كان قائمة على أطماع اقتصادية أو غيرها فإنها يتولد عنها كثير من الآثار السلبية على كثير من الاقتصاديات وتسبب لها دماراً واضحاً في النشاطات الاقتصادية العديدة كأداء المنشآت الاقتصادية وازدياد أعداد البطالة وتأثر حركة المصارف والمؤسسات المالية وغيرها من المؤثرات، في حين يرى بعض المحللين الاقتصاديين أن الاقتصاديات الكبرى التي كانت راكدة قبل الحرب قد تنتعش نتيجة الحرب وتستفيد من تلك الأحداث لأن أهم أهداف الدول الغربية هو الاستيلاء الإداري والاقتصادي على الأسواق العالمية.
ما نريده من المحللين الاقتصاديين أن يوضحوا لنا من سيربح بجزء أو بأجزاء من الكعكة القادمة؟ ومع ذلك فالأيام القادمة ستكشف الكثير والكثير.
(*) مستشار اقتصادي ومدير دار الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية
|