* القاهرة مكتب الجزيرة عتمان أنور:
في تحركات هي الأولى عمليا منذ انتهاء الحرب في العراق نشطت الدبوماسية السعودية كعادتها وطرحت المبادرات الفعالة استشعارا بالمسؤولية تجاه شعب العراق ووحدته وسلامة أراضيه وتجلى ذلك في الدعوة إلى المؤتمر الإقليمي لدول الجوار على مستوى وزراء الخارجية وجاءت الدعوة للمؤتمر بمبادرة من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله ليصب في صالح الشعب العراقي الذي عانى الكثير وتحمل المآسي طوال عقود والتأكيد على موقف المملكة تجاه حفظ الأمن والاستقرار في العراق وأن يتولى الشعب العراقي بنفسه اختيار من يحكمه كما سبقت الدعوة للمؤتمر زيارات وتحركات واتصالات مكثفة من جانب المملكة لاحتواء وتطويق انعكاسات الحرب على العراق ويؤكد المحللون السياسيون وخبراء الاستراتيجية أن المؤتمر الاقليمي يهيئ السبل لبلورة رؤية عربية إزاء الشعب العراقي ليكون قادرا على العيش بسلام وأن المملكة تضع ركائز أساسية أو خطوات عملية لتحركاتها حيث تسعى المملكة إلى تسريع معالجة الوضع الأمني في العراق وتقديم الإغاثة العاجلة للشعب العراقي ليتجاوز المرحلة الصعبة التي يعيشها وذلك من خلال جهود ذاتية خصصت لها المملكة 200 مليون ريال كما تسعى المملكة إلى تكوين تجمع ضاغط على الولايات المتحدة لتسريع مساعدة العراقيين على اختيار حكومتهم الانتقالية لإدارة شؤون بلادهم الأمر الذي يعجل بخروج القوات الأمريكية من العراق مع تأكيد رفض التدخل في الشؤون العراقية وضمان وحدة الشعب العراقي، وكما يؤكد المراقبون أن المملكة تهدف أيضاً لتطويق انعكاسات الحرب انطلاقا من مبدأ رفض التوجه الأمريكي إلى تعميم الظاهرة العراقية واستهداف سوريا، وفي هذا السياق كانت رسالة السعودية التي أبلغت بوضوح وزير الخارجية البريطاني سترو استياءها من حملة التهديدات الأمريكية المتلاحقة لسوريا والدعوة إلى عقد مؤتمر اقليمي يأتي في إطار السعي إلى موقف موحد لهذه الدول برفض التهديدات لسوريا وحسم الوضع في العراق واستبدال القوات الأمريكية بقوات حفظ السلام.
بصيرة سياسية
وكان صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله ترأس جلسة مجلس الوزراء التي عقدها يوم الاثنين الماضي واستعرض المجلس الوضع في العراق وما آلت إليه الأوضاع هناك من انعدام الأمن والاستقرار، وما نتج عنه من عمليات فوضى وسلب ونهب ونقص في المال والغذاء والدواء، وجدد قلق المملكة حكومة وشعبا مما تشهده المدن العراقية من انقلاب أمني سيؤدي استمراره إلى كارثة إنسانية قد يذهب جراءها الكثير من الأبرياء والممتلكات وشدد على ضرورة تحقيق الأمن والاستقرار في العراق بأسرع وقت ممكن ليتمكن شعبه من اختيار الطريق التي يراها لإدارة شؤون بلاده، ويؤكد الدكتور مصطفى الفقي رئيس لجنة الشؤون العربية بمجلس الشعب المصري أن المملكة تدرك بحكم مسؤولياتها أن مستقبل العراق يقرره شعب العراق وما تقوم به من مبادرة هو لتهيئة أفضل السبل لشعب العراق ليكون قادرا على العيش بسلام بينه وبين جيرانه كذلك توفير الأمن والاستقرار لشعب العراق وتوفير المساعدات الإنسانية الضرورية حتى يتمكن العراق من استعادة مكانته ويقول الفقي: إن المطلوب من الدول المجاورة والدول العربية أن تبعث برسالة صريحة وواضحة إلى أمريكا وبريطانيا وهي المطالبة بعدم بقاء قواتها المحتلة أكثر مما يتطلبه ضبط الأمن وأن وجود هذه القوات لن يجلب الاستقرار والأمن للمنطقة، وقد يزيد الأمور تعقيدا وهذا ليس من مصلحة أمريكا وبريطانيا وليس من مصلحة الأسرة الدولية على المدى الطويل والمملكة تدعو للمؤتمر تضع جميع الدول أمام مسؤولياتها التاريخية حتى نقف بجانب الشعب العراقي والمملكة لن تتخلى عن هذه المسؤولية، فالبصيرة السياسية تحتم وضع رؤية للمستقبل، فالمستقبل هو ما سيعقد الاجتماع من أجله والمملكة بحكم مسؤولياتها السياسية والأخلاقية سوف تسعى جاهدة لأن يقف العراق من جديد ويمارس دوره الطبيعي في إنماء الأمة العراقية، فالهدف الأول للسياسة السعودية في العراق هو أن ترى شعبا حرا قادرا على اختيار حكومته. ويرى الدكتور حسن أبو طالب الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام رئيس التقرير الاستراتيجي العربي أن موقف المملكة معروف ومشهود منذ البداية وقبل شن الحرب على العراق فهي لم تتوان في إعلان موقفها الرافض للحرب ولم تترد لحظة واحدة أو تنتظر النتائج وبدأت الحرب وأكدت على وحدة الشعب والأراضي العراقية ورفض تقسيمها أو وضعها تحت الاستعمار أو استغلال ثروات الشعب العراقي بأي شكل من الأشكال ويأتي هذا الموقف انطلاقا وانسجاما مع الثوابت الأساسية للمملكة سواء فيما يخص العراق أو غيرها من الدول العربية.
فالقيادة السعودية عملت دبلوماسيا بمبدأ التشاور مع الأشقاء العرب في إطار الجامعة العربية وإسلاميا في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي ودوليا في إطار مجلس الأمن والأمم المتحدة، ولم تترك فرصة إلا وأكدت على ذلك وحتى الآن تبحث الموقف في العراق، وما تستطيع الدول المحيطة به أن تسهم فيه وكيفية مساعدة الشعب العراقي للخروج من الوضع الصعب الحالي وضمان استقلاله وأن يكون هناك اختيار حر لحكومته بواسطة شعبه والتأكيد على ضرورة الإسراع في تسليم الشعب العراقي المسؤولية الكاملة عن وطنه وشؤونه ليتمكن من بناء عراق المستقبل الذي يوفر الحرية والعدالة لكل أبنائه والحفاظ على وحدة العراق، وعلى استقلاله وسيادته وسلامته الإقليمية واتخاذ الإجراءات التي تكفل استتباب الأمن ويقول: إن مؤتمر الرياض لا يتعارض مع أي اجتماع عربي فالدول المجاورة تتأثر بما يجري فيه ومن المهم أن تلتقي دون أن يعني ذلك الا تكون هناك اجتماعات أخرى أو يصادر عليها ويعد مبادرة فعالة في ضوء ما نشهده من أحداث.
|