|
من يمكنه أن يفتح ليس نافذة بصره، بل بصيرته وحسَّه لمنافع المضرَّة؟!... ألم تقلْ العرب: لكلِّ ضارَّة نافعة؟... فما هي منافع المضرَّة بعد المضرَّة الكبرى التي آلت لوجدان الأمَّة المسلمة في نكسة التَّحرير أقصد الاحتلال لبغداد التُّراث... وللعراق الَّتاريخ؟... أوَلم تتذرَّع القوى الكبرى بوجود أسلحة للدَّمار كي تدمِّر بالآلة ذاتها التي سعت لتدميرها! فمن يمنحها وحدها الحق المطلق في الاقتناء والتَّصنيع والاستخدام ويمنع غيرها؟ هل نصَّب العالم في احتفالية عالمية أمريكا وبريطانيا ملك العالم؟ ومطلق التَّصرف في كلِّ مناطقه وأممه وشعوبه ومقدِّراتها؟... ألا يوحي ذلك ما تصرَّف به الجندي الأمريكي وقبله الجنديان وهما في حركة ليست تؤكِّد حسن النِّيَّة، بل ولا عفوية التَّصرُّف وهم يرفعون بدءاً العلم الأمريكي ثم يبدِّلونه بالعراقي؟ أوَليست إشارة إلى أبعاد كثيرة وخطيرة وهامَّة وجليَّة؟ يدركها السَّاذج في الشَّأن السِّياسي؟ والسَّطحي في التَّتبُّع التَّأريخي بمثل ما يدركه الضَّليع فيهما؟ ألا تحمل العبارات الموجَّهة الآن لسوريا المعنى ذاته كما قال المثل الدارج في منطقة الحجاز «إذا شفت الموسى فوق رأس سواك بُلْ رأسك وانتظر»... ألا تحمل هذه العبارات تحذيراً للجميع باتخاذ الدُّور في الطاَّبور؟... فماذا يمكن لأمَّة محمد بن عبداللّه صلى اللّه عليه وسلم أن تفعل بعد هذه المضرَّة الكبرى التي لحقت بها،... ألا تستيقظ لمنافع هذه المضرَّة وتعيد حساباتها أولاً فيما يتعلَّق بتكوينها الدِّيني وما يفترضه من تلاحم تام بقوة الإيمان، وثانيها الحفاظ على مقدِّرات النَّعم الإلهية وتسخيرها في البناء العلمي والصَّناعي لهذه الأمَّة العريقة التي طالب خالقها أن تعدَّ ما استطاعت من القوة لإرهاب كلِّ من يقف لها في عداء سافر أو خفي؟ وثالثها توعية البصيرة بما يرى البصر بكلِّ تفاصيل ما حدث ودراسته والاتِّعاظ منه وإعادة هيكلة آليات التَّعامل مع الآخر، والانكفاء على التُّراث لتحصينها وتقويتها وجعلها في قدرة بإيمانها أنَّ السَّلام لا يتحقق إلاَّ باستتباب أمن الرُّوح وهذه لا يتحقق لها هذا الأمن إلاَّ بالإيمان المطلق والإيمان لا يعني «الكلام»، بل العمل: «علِّموا أبناءكم السِّباحة والرِّماية وركوب الخيل».. والآن السَّباحة غير السِّباحة، والرِّماية غير الرِّماية، والخيل عدَّة أقوى لا تتطوَّع إلاَّ بالدُّربة والعلم والعمل... فشمِّروا أمَّة محمد عن التَّقاعس والفظوا الرَّفاه وكونوا أقوياء بإيمانكم وعلمكم وعملكم كي تحققوا ما جاء فيكم: {كٍنتٍمً خّيًرّ أٍمَّةُ أٍخًرٌجّتً لٌلنَّاسٌ} وتلك لعمري منافع المضرَّة إن أُخذت على هذا النَّحو. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |