* القاهرة د ب أ:
تأخذ دمشق مأخذ الجد الشديد التهديدات الامريكية التي تصاعدت وتعددت منذ سقوط نظام صدام حسين، وليس هناك دليل على ذلك أوضح من عدد المحادثات التي أجراها الرئيس السوري بشار الاسد في مطلع الاسبوع مع رؤساء دول عربية ووزراء.
وقد أكد زعماء المنطقة أن أي هجوم على دولة عربية أخرى بعد حرب العراق سيرفض، وتقول وكالة الانباء الالمانية في تقرير لها من القاهرة ان هناك عاملاً هاماً يجعل سوريا أصعب من العراق بالنسبة للولايات المتحدة وهو أن الرئيس الاسد ليس حاكماً مصاباً بجنون العظمة مثلما كان صدام حسين، فهو ليس مستعداً لخوض مجازفات غير محسوبة ولا لاستخدام الدعاية القومية والعرقية التي كان يستخدمها صدام حسين، بل إن الرئيس الاسد يلعب دوراً ملطفاً ولعبة تكتيكية أبرع سعياً إلى تجريد الولايات المتحدة من ادعاءاتها من خلال تقديم المعلومات إليها وبالاعلان عن رغبته في التفاوض.
وقد نفت دمشق بصفة قاطعة أنها زودت العراق بعتاد حربي أثناء الحرب واتهامها بإيواء عدد من أعوان صدام حسين عبروا حدودها، وفيما يتعلق بالادعاءات بأن سوريا لديها أسلحة كيماوية، فهي مستعدة فقط لتقديم تنازلات إذا جرى تفتيش مماثل لبرنامج الاسلحة النووية الاسرائيلي.
وقال المحلل السياسي ياسر النحلاوي في حديث لقناة الجزيرة الفضائية يوم «الاثنين» أن «سوريا مستعدة دائما للحوار»، ويتساءل بعض المراقبين العرب ما إذا كان الرئيس الامريكي جورج بوش له فعلاً مصلحة في حوار مع دمشق أم أنه يفكر في «حل» يكرر تجربة العراق التي ضربها لتوه مثلاً.
وهناك شيء واحد يراه جميع الساسة في المنطقة واضحاً وهو أن الولايات المتحدة لم يقع اختيارها على الوقت الراهن لتضييق الخناق على القيادة السورية بسبب خطر محتمل تهدد به أسلحة كيماوية، بل الهدف هو القضاء على المنظمات التي تساندها دمشق والتي ترى واشنطن انها تهدد بنسف محاولات التوصل إلى أي تسوية في النزاع الاسرائيلي الفلسطيني تقبل بها إسرائيل.
وتتضمن هذه المنظمات حركة حماس للمقاومة الاسلامية ومنظمة الجهاد الاسلامي وعدة منظمات يسارية صغيرة وحزب الله في الجنوب اللبناني.
ولم يدهش أحد في منطقة الشرق الاوسط على الاطلاق عندما انتهزت الحكومة الاسرائيلية الفرصة لشن هجوم شفهي على سوريا بعد ساعات قليلة من تحذير بوش الاخير لسوريا، فقد قال وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز يوم «الاثنين» بارتياح بأن الادارة الامريكية أبرزت لدمشق البطاقة الصفراء.
وترمي التهديدات الامريكية والتي سارعت اسرائيل الى الانضمام اليها وتأييدها الى انه يتعين على الرئيس الاسد الآن أن يطرد جميع قادة المنظمات الفلسطينية التي تقول واشنطن انها متشددة وأن يضع حداً لما تقول واشنطن انه تهديد لامن إسرائيل من جانب ميليشيات حزب الله، وحتى الآن لم تبد الحكومة السورية استعداداً لتلبية هذا الطلب وإن كانت بذلت في الاشهر الاخيرة جهوداً لتحسين العلاقات مع واشنطن وساعدت الولايات المتحدة في مطاردتها للارهابيين إثر هجمات 11 ايلول «سبتمبر» عام 2001 .
|