معلم الأمس ومعلم اليوم هو حديث الكثيرين من الناس عندما يتم ذكر معلم الأمس بهيبته وقيمته ومعلم اليوم الذي يخاف من الطلبة أكثر مما يخافونه هم.
وقد تحدثت الأخت الكاتبة طيف أحمد في العدد 11139 في 26/1/1424هـ عن معلم اليوم بشيء من التشاؤم استندت إلى بعض الحوادث التي كتب عنها في الصحف وما يتم سماعه عن بعض الحالات الفردية الشاذة في بعض المدارس.
وفي هذا الموضوع يجب ألاّ يتم التركيز فقط على معلم الأمس واليوم وألاّ تكون المقارنة بين الأمس واليوم بالمعلمين فقط وكأن الأمس هو اليوم لم يتغير فيه سوى الطلبة والمعلمون والعلاقة بينهما أما بقية افراد المجتمع فهم على حالهم منذ زمن ولكن الواقع تغير في جميع النواحي فالمقارنة في كل شيء والتغيير شمل جميع نواحي الحياة وهذه هي ضريبة «المدنية» أو التقدم، الذي تعيشه المجتمعات الحالية.
حيث أثرت وسائل الاتصال السريعة المختلفة ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية بقنواتها الفضائية من جميع دول العالم، كل هذا كان له تأثير سلبي على افراد المجتمع والعلاقة بين افراده ومن هذه التغيرات التي نسيتها الاخت طيف وركزت فقط على «المعلم»
هو الابن أو البنت وعلاقتهما بوالديهما من حب واحترام وخدمة لهما هل هي كما كانت عليه منذ زمن؟
كم سمعنا بشاب قتل أمه أو أبيه؟
وكم من شابة نهرت أمها في وجهها عند نصحها.
وكم من شاب ثار في وجه والديه لأتفه الاسباب.
وحالات كثيرة من العقوق والخلافات لم تكن معروفة في الماضي بهذا الشكل.
نسيت الاخت طيف جار الامس وجار اليوم.
كنت في احدى المدن وعندما اقتربت من منزل احد الزملاء حسب وصفه لي حاولت التأكد من أحد جيرانه فقلت له هذا منزل«فلان» قال لا أدري أنا منذ خمس سنوات ساكن بجواره ولا أعرف عنه شيئاً ولا حتى اسمه.
انتظرت حتى خرج الجميع لصلاة المغرب وصادفته في المسجد واذا به فعلاً لا صلة للجميع ببعضهم البعض.
وفي احدى المناسبات كنا نتحدث عن الزيارات بين الاقارب في حديث طويل قال أحدهم هذا الجالس أمامكم خال لاولادي وابني هذا في سن التاسعة من عمرة ولا يعرف انه ابن اخته حيث انعدمت الزيارات بيننا لا لشيء ولكن لانشغال كل منا في عمله وبيته وكان هناك نوع من الاستقلالية ادت إلى القطيعة وعدم معرفة احدهم بالآخر فلماذا نوجه اللوم دائماً للمعلم؟
مع العلم ان المعلم في نظري لايزال له قيمته واحترامة والدليل على ذلك أمور كثيرة تلاحظها في المجتمع وبين المعلمين والطلاب تدل على قيمة معلم اليوم الصادق المخلص في عمله وذلك بالآتي:
أولاً/ كثرة المعلمين والطلاب الذين يشكلون تقريباً نصف المجتمع وبهذا العدد الكبير من المعلمين والطلبة فإنه يحصل بينهم بعض الحالات الفردية وليست مقياساً على الجميع ولكنها محدودة مقارنة بمن يشملهم هذا الموضوع.
ثانياً/ معظم هذه الحالات أو ربما جميعها من أهم اسبابها المعلم نفسه من حيث علاقته بالطالب وعدم احترامة للطالب وتقدير المواقف التي تحصل بينهم واحترام مشاعر الطالب وكذلك معاملته كابن له تربط بينهم المودة والمحبة. لا أن تكون العلاقة هي العصا والكتاب المدرسي.
ثالثاً/ علاقة المعلم بطلبته إذا كانت بالحب والاحترام واخلاصة في عمله وكان قدوة صالحة لهم مراعيا ضميره ومتمسكاً بالاخلاق الإسلامية الحسنة فإنه سيكون افضل من معلم الأمس.
وكثيراً ما نلاحظ طلبة يقبلون رؤوس معلميهم تقديراً واحتراماً لهم.
ويستمر هذا التقدير حتى بعد ان يكونوا في أعلى المناصب الوظيفية.
وأخيراً فإنه يجب علينا كأفراد في المجتمع أن نحافظ على المجتمع ليكون أفضل من الأمس وأن نكون قدوة لأجيال الغد حتى يبقى التماسك مستمراً إلى الأبد لا أن نبكي على الماضي الذي لن يعود ونعتبره افضل من حاضرنا مع التوفيق للجميع لبناء مجتمع متميز بعاداته وأخلاقه الحسنة.
محمد عبدالله الحميضي - مكتب شقراء
|