رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته وأعظم الأجر والمثوبة لأبنائه وأهله والأسرة المالكة الكريمة، فهو فقيد غالٍ عليهم، وعلى أصدقائه ومحبيه وعارفيه.
كان رحمه الله محبوباً، لما كان يتصف به من خلق كريم، ولما أنعم عليه من مزايا وصفات تجعله يدخل القلب من أول لقاء، ولما وهبه الله من حسن اللقاء، وحسن الاستماع، وحسن الحديث، والتواضع الجم، وإشعاره من يزوره، أو يتصل به أنه قريب إلى نفسه، مما يظهره من مودة واحتفاء.
كان رحمه الله لا يُرى إلا باسماً، البهجة على وجهه، والرقة في أقواله، والحنان والعطف في أفعاله؛ مع صواب في الفعل، وسداد في الرأي. ونية حسنة تحكم ما يأتي ومايدع.
كان رحمه الله يجيد الاستماع، ويناقش بهدوء، وكان يعامل الناس معاملة واحدة حسنة، فليس عنده إلا حسن الاستقبال لكل وافد، أيّاً كان، وقبل أن يصل زائره إلى منتصف مجلسه يكون قد سبقه إلى منتصفه محييا، وإلى نهايته مودّعاً.
ملأ رحمه الله المراكز التي شغلها، وترك بصمات تدل على نضج، وفهم، وإدراك، وإبداع، ونال بذلك رضا رؤسائه ومراجعيه، ودعاء من قضى حاجتهم، وأزال أسباب شكواهم، إن كانوا شاكين، وقبول سديد رأيهم إن كانوا مقترحين أو ناصحين.
امتاز رحمه الله امتيازاً ملحوظاً بسرعة البديهة وحضور الذهن، وحذق الرد، وكثيراً ما كانت هذه المواقف تفتح مغاليق مصمتة، وتنقل الموقف من متجهم إلى سار باسم.
أيها الراحل الغالي!
لقد تركتنا، ولكنك سوف تبقى في سويداء القلب، وما هذه الدموع في مآقينا، والعبرات المتكسرة في صدورنا، والحزن الذي يهصرنا إلا صدى لما لك في نفوسنا من محبة وإعزاز، ومظهر من مظاهر اتجاهنا إلى الله سبحانه وتعالى رافعين الأكف، شاخصي الأبصار، إلى الذي اختارك إلى جواره. أن يكرم مثواك، وأن يفسح لك في جناته، إنه جواد كريم.
{إنَّا لٌلَّهٌ وّإنَّا إلّيًهٌ رّاجٌعٍونّ}.
|