Tuesday 15th april,2003 11156العدد الثلاثاء 13 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
ماجد بن عبدالعزيز
عبدالرحمن صالح العشماوي

يوم السبت العاشر من شهر صفر لعام 1424ه وزَّع الموت إحدى بطاقاته المهمَّة حاملةً اسم «ماجد بن عبدالعزيز» رحمه الله ، لقد أثارت هذه البطاقة في نفسي شجوناً كثيرة، أعادتني بعد أن أشجتني وأحزنتني إلى الماضي عدداً من السنوات، أوقفتني أمام رجلٍ دَمِثِ الخُلُق، ليِّن الجانب، مَرْهَفِ الحسِّ، كان في حينها وزيراً للشؤون البلدية والقروية، اسمه «ماجد بن عبدالعزيز»، كانت طاولةُ مكتب الوزارة تحول بيني وبينه حينما مَدَدْتُ يدي إليه مصافحاً معرِّفاً بنفسي، ما زلت أذكر كيف وقف حينما ذكرت له اسمي مبتسماً، مبدياً الاهتمام، طالباً مني أن اقرِّب منه حتى لا تبقى هذه الطاولة حائلةً بيني وبينه، وصافحني رحمه الله مصافحةَ قلبٍ كبير قائلاً: ألا تعلم أنك ابن شيخي وأستاذي؟؟ لقد جلست في حَلْقة دروس والدك «الشيخ صالح» في الحرم المكي مرَّاتٍ ومرَّات، وكنت أستأنس بعلمه ومواعظه وطرائف حديثه، ونصائحه الجميلة، وما زلت أذكر موقفاً خاصَّاً مع والدكَ، كأني أعيشه الآن، حيث دعاني بعد انتهاء درسه في تلك الليلة، وحيَّاني وسأل عن أحوالي وهمس في أذني بكلماتٍ ناصحةٍ صادقة حانية ما زال صداها يتردَّد في مسمعي، كان «ماجد بن عبدالعزيز» رحمه الله منطلقاً في حديث ذكرياته الجميل، وقد فاجأني بخلقٍ حسنٍ أسعدني وأشعرني بمعنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم «ابتسامك في وجه أخيك صدقة»، وأشهد أنني قد رأيت في تلك الزيارة لماجد «صدقاتٍ» كثيرةً قدَّمها لنفسه بابتسامته للمراجعين الذين اكتظَّ بهم مكتبه ذاك.
وبعد أن استسلم في جلسته تلك لحديث الذكريات، قال لي: أرجو أنْ تكون خَلَفاً طيباً صالحاً لسلفٍ صالح، قلت له: أرجو ذلك، وسألته مازحاً: هل يمكن أن تخبرني يا سمو الأمير عن النصيحة التي همس بها والدي في أذنك؟، وضحك رحمه الله قائلاً: ما دام همس بها فهي سرٌّ.
ما أجمل قول الرسول صلى الله عليه وسلم «لا تحقرنَّ من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق» أو كما قال عليه الصلاة والسلام ، وما أعظم قوله «إن المرء ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم».
مات «ماجد بن عبدالعزيز» رحمه الله ، خبرٌ آلمني وأشجاني، وفتح أمامي بوَّابة ذكريات شجيَّة للقائين اثنين فقط التقيت به فيهما، ولكنَّهما تركا في نفسي أثراً كبيراً، ونقشا في ذاكرتي صورةً مشرقة لخلق حسنٍ كان يتميز به هذا الفقيد الكريم.
مشعل وعبدالعزيز ابنا ماجد رأيت لهما من دماثة الخلق، ولين الجانب ما جعلني أرى أثراً لمدرسةٍ «ماجدية» تستحق الإشادة، إني أقدِّم إليهما صادق العزاء، مردِّداً معهما إنا لله وإنا إليه راجعون .
وهو عزاءٌ صادق أقدِّمه إلى خادم الحرمين والأسرة الكريمة، وإلى سطَّام بن عبدالعزيز نائب أمير الرياض، وإلى أبناء وبنات الفقيد جميعاً.
اللهم اجعل الموت راحةً لنا من كل شر يا رب العالمين وارحم ضعفنا يوم نلقاك وتغمَّد برحمتك عبدك ماجد بن عبدالعزيز.
إشارة


رسمنا خَطَّ آمالٍ طوالٍ
ودون بلوغها أجلٌ قريبُ

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved