أمير القلوب/ جواهرجي الضحكة من القلب: ماجد بن عبدالعزيز:
كل الأماكن سيدي تختفي لحظة الوداع.. وعيناي: لم تُودِّعانك حتى حين ذهبتُ لعيادتك بالمستشفى، وقد أمر الأطباء بمنع الزيارة عنك.. ولكني كنت «أراك» بعينيَّ اللتين غامت الرؤية فيهما بالدموع.. وكنت أراك بقلبي الذي تآخى مع «كبدك» في التوجع والآلام!
هي «الأصداء» التي تبقَّت اليوم/ يا ماجد الحبيب.
يعتادني «صوتك» الذي حرصت يومها أن تنثر عطره في سمعي: متفائلاً، ضاحكاً.. حين هاتفتك أطمئن على نجاح العملية، فقلت لي عبر الهاتف من هناك:
الحمد لله يا عبدالله إنني بخير.. هيَّا تعال إلى عندي لنتقابل على سريرين، أنت تُغنِّي ألمك وتقول: آه يا قلبي، أنا أُغنِّي ألمي وأقول: آهـ يا كبدي!! إذن... هي «المحبة» التي جعلَتْك هذا (المتفرِّد) بهكذا وُلَهٍ لك في قلوبنا من صفاتك، وتعاملك معنا، وترحابك، وصدرك المشرع/ ضوءاً وأملاً لكل من تأخذه إلى رعايتك!
هي «المحبة» يا سيدي التي أحببناها أكثر بك، والتي سنحبها أكثر بتوصياتك لنا أن لا نخذلها في مشاعرنا ولا حتى في سلوكياتنا!
هي «المحبة»: إرْثُنا منك... وإن رحلت عن دنيانا، وتجذرت بين أضعلنا!!
الكل كتبوا عنك كمسؤول نزيه وحريص على مصالح الناس... ولكني اخترت فيك (الكل) الإنسان.
* يا سيد تفاؤلي الذي كنتَ تشحذني به، كلما استدفأت بمجلسك هرباً من صقيع الوجدان، وفراراً من غلظة البشر... فأسمعك تُضاحكني قائلاً:
نُصْ الألف!!
وتشرع ابتسامتك (الخاصة) بعطفك وباحتوائك لحزني، وتُشير بإصبعك إلى القلب تقول: لا تدع الآخرين يهزمونه، ولا حتى المرض حتى ينفذ ما يُقدِّره الله عز وجل لك.
يا هذا «الحب/ الإنسان»: وكأنك طويت في رحيلك معك «خريطة الطريق» إلي المحبة.. وأنت تفرُّ إلى رحاب ربك ورضوانه، من «خريطة الطريق» إلى نوايا التمزيق المكثَّفة لدى المستعمرين والحاقدين على إسلامنا... أنت الذي كنت تجوس بضوء آرائك التي نُصغي إليها عن واقع الأمة الإسلامية من أقصاها إلى أقصاها، ونتلمّس رؤية ذلك الواقع بحزن وخوف على مستقبل هذه الأمة!
وفي أبعاد خبر «نَعْيك»: أجهشَتِ المدينة بدموع أهلها الذين كانوا يتنسَّمون عبق حواراتك بعد مغرب كل يوم في مجلسك الخاص المُشرع بالمحبة... وتصوَّحت أغصان الشجر برحيلك الذي يعلن: غياب الابتسامة/ الإنسان.
بكَتْك يا سيدي القلوب قبل العيون... فأنت: مانح الود، وغارس أرض المودَّة.
وقيل الدموع.. إصطفقت أضلعي في انتشار الخبر الأسود عن رحيلك بعيداً عن دنيانا... فلم يعُد يكفينا هذا البحر: دموعاً، ولا هذا الملح فيه: غصة ألم وفَقْد، ولا هذه الرطوبة القادمة: إمعاناً في العطش لك.
حقاً... أحببناك يا سيدي انتهالاً من كثافة محبَّتك لنا/ أهل مكة المكرمة وجدة الذين طالما ازدهوا بك: باقة إنسان... وفي هذه الليلة الظلماء التي أشاعت خبر رحيلك، ركضْتُ إلى «البحر» وموْجه الأبيض المتكسِّر حزناً.. وأنا: آهة فراق، وصرخة ظمأ، وحجر يسقط في عمق البحر... متخلياً عن المسافات، ورافضاً هذا «الخرس» الذي جلَّلني بموتك!.
* نعم سيدي الأمير على قلوبنا... الإنسان/ البياض الناصع الكُنْت في حياتنا:
أحببناك... وها نحن نبكيك، كأنَّ نجوم السماء: ترمَّدت.. وكأنَّ قمر اللامدي: قد كلح ضياؤه... وكأنَّ (لا محبة) بدونك، ولا ضحكة في ترجُّلك عن صهوة فرحنا بك!
وهذه (الكلمات).. لن تكون: رثاء، ولا تأبيناً لك.
أنت يا حبيبي أكبر، وأكثر وسامة خُلُق، وأعمق تجذُّراً.
لكنَّ كلماتي/ وجهي في زمن «الآهـ» والخروج من الأمان، والسفر إلى دروب يتضاءل الحلم على امتدادها... انت الذي قلت لي مرة: لا ينبغي أن نحمل أحلامنا فوق طاقتها حتى لا تكرهنا أحلامنا!!.
كل حزن نبَتَ بعد فقداننا لك.. هو: وحشة تشيع بعد اغتيال الفرح.
تغمَّدك الله برحمته، وألهم «كل وطنك» الصبر والسلوان.
{إنَّا لٌلَّهٌ وّإنَّا إلّيًهٌ رّاجٌعٍونّ}.
|