تظل وحدة العراق مطلباً ملحَّاً وخصوصاً في ظل الفوضى التي تجتاح ذلك البلد والتي تمتد من عمليات النهب والسرقة إلى الحساسيات العرقية والحزبية.
إزاء ذلك يبقى الأمن في أعلى قائمة الأولويات، فالشعب العراقي في حاجة إلى استعادة أنفاسه التي لم تهدأ منذ مدة طويلة كما أنه بحاجة إلى ترتيب أوضاعه مع هذه الحرب التي حدثت خلالها عمليات قصف طالت جميع المواقع ولم توفر المدنيين وممتلكاتهم.
وبينا تشهد المدن الشيعية توتراً ملحوظاً بعد مقتل عبدالمجيد الخوئي والتهديدات الموجهة لأحد مراجعهم وهو علي السيستاني فإن مدن الشمال بما فيها من عرب وأكراد قد تكون قدمت صورة إيجابية لما ينبغي أن يكون عليه الحال بين الجماعات العراقية، ففي مدينة الموصل وقف العرب والأكراد معاً في وجه اللصوص الذين نهبوا الكثير من الممتلكات العامة.. ويجيء ذلك على الرغم من شائعات مقصودة عن قتال بين العرب والأكراد.
وإزاء هذه المسألة الخاصة بالنهب أيضاً فقد أظهر العراقيون في بغداد بمختلف توجهاتهم أنهم يقفون معاً لمواجهة ضعاف النفوس الذين حاولوا استغلال الظروف لإشباع رغبات دنيئة لسرقة بعض الأثاث وتخريب منشآت عامة.
بهذه الروح المتوحدة يمكن أن يُقبل العراقيون على مهام المستقبل، وهم بتوحدهم أكثر وأكثر يستطيعون إقناع القوة المسيطرة عسكرياً حالياً وهي الولايات المتحدة، بأن تضع في حسبانها أنها تتعامل مع شعب يدرك أين تكمن مصلحته، وهذا سيفيد كثيراً في عدم القفز على الثوابت الوطنية ومكاسب الشعب العراقي التي ينبغي التأكيد عليها.
وعلى هذا الأساس فإن التوتر السائد الآن في المدن الشيعية سينتقص كثيراً من الجهود التي تستهدف إعلان الوحدة الوطنية، وربما يؤجل تسلم العراقيين إدارة شؤون بلادهم ما يعني استمرار وضع شاذ تنتفي معه مظاهر السيادة الكاملة.
|