Monday 14th april,2003 11155العدد الأثنين 12 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مكتب سموه يعقب على تراجع النائب وليد جنبلاط عن خطئه مكتب سموه يعقب على تراجع النائب وليد جنبلاط عن خطئه
الأمير الوليد بن طلال يترك «الصغائر والزواريب» لغيره في لبنان

* الرياض الجزيرة :
تعقيباً على رد النائب وليد جنبلاط على البيان الصادر من مكتب الأمير الوليد بن طلال، فيما يلي بيان الحاقي من مكتب سموه:
من المثلج للصدر أن يعود النائب وليد جنبلاط عن خطئه وأن يعود الى صوابه، فالاعتراف بالخطأ فضيلة، وحتى لو كان هذا التراجع حصيلة تنسيق وايحاء من الذين أقفلوا تلفزيون الجديد New TV لعدة أيام لمجرد الاعتقاد بأن أحد برامجها سيسيء الى السعودية. بينما هم لم يتعرضوا للنائب جنبلاط بعد إساءته الواضحة والموثقة عبر تصريحات صحفية متتابعة، بل وحتى مقابلة تلفزيونية في برنامج كلام الناس مع الصحافي مارسيل غانم بمحطة LBC.
فبعد الاطلاع على الرد الذي خطّه الأستاذ وليد جنبلاط بات واضحا ان تصريحاته السابقة ضد الأمير سعود الفيصل وبعض الأمراء والمملكة العربية السعودية كانت نتاج خطأ فادح حاول النائب جنبلاط ان يقلل من أثره ووقعه.
إن دعوة النائب جنبلاط للأمير الوليد أن يتعامل مع كبريات الأمور في المحافل الدولية إنما هي تحصيل حاصل وتأكيد على ما اعتاد عليه سموه الكريم من الترفع عن «الصغائر والزواريب» وبالذات في لبنان، وسموه يترك تلك «الصغائر والزواريب» لغيره، فالأمير الوليد يحافظ في 87 دولة من دول العالم في القارات الخمس، ومن ضمنها جميع الدول العربية، على أفضل وأطيب العلاقات مع كل دولة رئيساً وشعباً كما هو الحال مع لبنان وعمادها الرئيس إميل لحود.
والحمد لله أن بيان النائب وليد جنبلاط قد خلا من كلمة «الوهابية» في دلالة على تراجعه عن الخطأ السابق، والحمد لله ان النائب جنبلاط قد أقر بوحدة صف جميع أمراء آل سعود تحت قيادتهم، والحمد لله ان تذكر النائب جنبلاط أفضال السعودية والحمد لله انه تذكر مواقف السعودية نحو فلسطين.
من جهته يطمئن سمو الأمير الوليد بن طلال السيد وليد جنبلاط أنه لن يألو جهداً في خدمة قضية العرب الأولى فلسطين استمراراً لنهج سموه الذي يشهد به كل فلسطيني وعربي، بل يؤكد له بأن هذا النهج يتمشى مع نهج وسياسة المملكة العربية السعودية ممثلة بمبادرة سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد لدعم القضية الفلسطينية.
ومن المثلج للصدر ان التاريخ مدوّن..
لقد خطّ التاريخ للمملكة العربية السعودية مواقف عديدة وقيّمة تذّكرها النائب جنبلاط في رده عرفاناً بهذه المواقف التي لاتُنسى من جهة، وإقراراً بخطأ في حساباته لدى ادلائه بالتصاريح السابقة، فتلك التصريحات قد أحرجت حلفاء جنبلاط الذين حاولوا اقفال قناة تلفزيونية، لمجرد اعتقادهم بأنها ستبث برنامجاً يسيء للسعودية، بينما لم يتعرضوا لجنبلاط الذي أساء فعلياً للسعودية في وسائل الاعلام المرئية والمقروءة.
على كل حال فالاعتراف بالحق فضيلة والتراجع عن الخطأ فضيلة أيضاً، وزمان تلقي الضربات والتغاضي عنها قد ولى الى غير رجعة.
بيان النائب وليد جنبلاط الذي يتراجع فيه عن أقواله والمرسل من مقره في المختارة
لقد اطلعت على الرد للأمير الوليد بن طلال، وفي هذا الاطار رأيت من الضروري توضيح بعض الحقائق خاصة فيما يتعلق بالعلاقة التي بُنيت بين المختارة أيام كمال جنبلاط والمملكة العربية السعودية، وعن هذه الحقائق نذكر، وكنت مرافقا لكمال جنبلاط في زيارته الأولى التي قام بها الى المملكة عام 1974، وحضرت ذاك اللقاء الشهير الذي دار فيه الحوار بين كمال جنبلاط والملك فيصل آنذاك، الذي كان متبنيا لنظرية ان الشيوعية والصهيونية صنوان، وكان جواب كمال جنبلاط حينها بأن الخطر على المنطقة في الأساس هو من الصهيونية وأطماعها في أرض فلسطين وأرض العرب، وإنما الشيوعية فمنطلقاتها مختلفة. علماً ان كمال جنبلاط لم يكن يتبنى بعض مضامينها، ومؤكداً أيضا على أهمية الاعتراف بعلاقة المملكة العربية السعودية بالاتحاد السوفياتي كون الاتحاد آنذاك كان يشكل عامل توازن للسياسة الأمريكية.
وتحدث كمال جنبلاط مطوّلا عن أهمية الحركة النقابية في لبنان، وعن الأحزاب، وعن الاصلاح السياسي، كما أسهب في الحديث عن موقف الحركة الوطنية، كون اليمين اللبناني آنذاك كان قد صوَّر للمملكة وغيرها بأن اليسار الدولي وهو كان شعار بيار الجميل سيستولي على الحكم. ولابد من محاربته. هذا بعض من نقاط الحوار الذي جرى آنذاك بين الراحلين الكبيرين، وأذكر في هذا المجال بأن صاحب المبادرة تلك للقاء الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد الحالي المعروف بمواقفه الوطنية والقومية، والشيء نفسه لدى آل سعود. ومنذ ذلك الوقت أُرسيت تلك العلاقة مباشرة أو عبر الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، وفي واقعة أخرى أذكر لقاءي الأول مع الأمير سعود الفيصل عندما أتى الى لبنان في أوّج الحرب الأهلية متوسطا من ضمن تلك المحاولات لإنهاء الحرب، لكن الظروف حينها كانت أكبر بكثير من تسوية الأمر كون اليمين اللبناني آنذاك كان مرتبطاً بالمشروع الاسرائيلي.
والأمير سعود الفيصل أتى آنذاك في سياق مهمة اللجنة السداسية الى بيت الدين، في محاولة لفصل اليمين اللبناني عن اسرائيل التي كما نعلم بأن هذه المهمة باءت بالفشل. وبعد بيت الدين انتقل والرئيس الراحل الياس سركيس وأعضاء اللجنة الى المختارة وتناولوا الغداء. كما انني أذكر ملاحظة للأمير سعود عندما التقيته في السفارة السعودية في بيروت حيث قال لي:«اجلس على يساري» وهذه وقائع لن أنساها.
ولاحقاً دفع الراحل الكبير الملك فيصل ثمن مواقفه من أجل فلسطين ومن أجل تحرير القدس كما نعلم.
أما جهود اللجنة السداسية فلم تُفلح لأن المشروع الاسرائيلي - الأمريكي كان في أوج قوته، محاولاً فصل لبنان عن العالم العربي، وهنا أيضاً لابد من التنويه بدور المملكة العربية السعودية والملك خالد أثناء حصار بيروت والملك فهد لاحقاً أثناء حرب الجبل، كل منهما على طريقته ساعد وساهم في تخفيف الآلام والأعباء عن أهل الجبل وأهل بيروت وغيرها من المناطق وهذا ما سيبقى محفوراً في ذاكرة الشعب اللبناني.
كذلك من جملة الوقائع انه كان لي فرصة ان التقي بالملك فهد لشرح موقفنا في الحرب الأهلية التي عصفت بالجبل ومخاطر المشروع الاسرائيلي اليميني اللبناني، ولن ننسى تلك المحاولات التي جرت من أجل الوصول إلى تسوية معينة أو إلى وقف لإطلاق النار. وقد رعى ذلك في مرحلة معينة الأمير بندر بن سلطان وكم كان لنا من جولات مع هذا الرجل الذي كان إلى جانبه أيضا وبرفقته الشيخ رفيق الحريري قبل أن يصبح رئيساً للوزراء، إنما كل تلك المحاولات ايضا باءت بالفشل إلى أن استطعنا بالجهد السياسي والعسكري السوري والوطني اللبناني بكل ألوانه وأبعاده إسقاط السابع عشر من أيار، ولاحقاً في إنهاء حالة التمرد في بعبدا، ووضع الأسس لاتفاق الطائف برعاية كريمة من المملكة العربية السعودية وسوريا والفاعليّات اللبنانية الوطنية، وفي مقدمتهم البطريرك اللبناني نصرالله صفير، هذا قليل من كثير حول العلاقة مع المملكة وقد كانت تترسّخ وتتطوّر أكثر بيني وبين المملكة مباشرة من خلال الأمير عبدالله أو عبر صديق مشترك ألا وهو الرئيس رفيق الحريري..
اما اليوم فربما لي وللأمير الوليد قراءات واحدة، وانما استنتاجات مختلفة، ففي موضوع الهجوم الأمريكي من أوساط الصهيونية واليمين المتطرف على المملكة، برأيي اننا متفقان بأن ذلك يستهدف ليس المملكة فحسب، وإنما أيضا موقفها الكبير لنصرة القضية الفلسطينية وتحرير القدس، والأماكن المقدسة من براثن اليهود، وخير مثال على الموقف المقال الذي ورد في مجلة النيويورك بتاريخ 24 أذار 2003م حيث كانت المملكة تعمل جاهدة عبر سفيرها الأمير بندر وبتوجيهات طبعاً من الملك فهد ومن ولي العهد الأمير عبدالله لانتزاع حل للقدس ولفلسطين وحتى في آخر لحظة قبل مجيء شارون إلى السلطة، لكن الجهود هذه لم تنجح، وأعتقد ان المقال يشرح كل ملابسات ذاك الفشل.
أما بالنسبة لبن لادن، فأعتقد انني كنت من أوائل المشككين وهو بأن بن لادن صنيعة الأمريكيين في حربهم ضد السوفيات في أفغانستان. ولربما استخدمته الأوساط نفسها من السي آي إيه في عملية البرجين في 11 أيلول، الحدث الذي من خلاله تغيرت المعادلة العالمية، وكان ذلك ذريعة الأمريكيين لاجتياح العالم بدءا من فلسطين ومروراً بالعراق. ولم أدخل ولن أدخل في موضوع العقيدة الوهّابية لأن ذلك ليس من شأني واختصاصي، ولكننا نرى ونقرأ هذا الهجوم المركّز من قبل الأوساط اليمينية المسيحية المتصهينة، وفريق العمل اليهودي الذي يسيطر على البيت الأبيض، وعلى البنتاغون التي تهدد يومياً وتتوعّد يميناً ويساراً، ولا زلت عند رأيي وقد عاتبني السفير الأمريكي في لبنان بعد ان شككت بعملية البرجين في نيويورك، عندما اتهمت حينها بشكل غير مباشر السي آي إيه وغيرها من الأجهزة المتعددة في أمريكا قيامها عبر بن لادن بتنفيذ تلك العملية، ولست كما يقول الأمير الوليد لأدخل ومعاذ الله من ذلك على وحدة العائلة لآل سعود التي نعلم ان بتماسكها وبموقفها الوطني والإسلامي الواضح تجاه القدس وفلسطين كانت وستبقى الضمانة للحق العربي والإسلامي في الأراضي المحتلة، وآخر تلك المواقف المبادرة التي أعلنها الأمير عبدالله مبادرة المملكة العربية السعودية التي توّجت مؤتمر القمة العربية في بيروت التي أجهضتها الإدارة الأمريكية المتصهينة وأدخلتنا اليوم بما يسمى خارطة الطريق وما أدراك ما تحوي هذه الخارطة الوهمية من الغام وأفخاخ منوّعة.
بهذه الكلمات أتمنى أن أكون قد أوضحت بعض المحطات للعلاقات الوطيدة التي انشئت بين المختارة ايام كمال جنبلاط، والمملكة العربية السعودية أيام الراحل الملك فيصل.
فيا سمو الأمير الوليد، ان جهودك المحلية والعربية والدولية من أجل خدمة القضية العربية هي أكثر من أن تحصى، وأتمنى عليك فقط أن لا تنساق الى بعض «الصغائر أو الزواريب» في السياسة اللبنانية.
وفي أن تبقى على تجليك في المحافل الدولية، وتحاول ان استطعت إقناع الأوساط الأمريكية كما عملت سابقاً، مع عمدة نيويورك السابق جولياني، من أجل نصرة القضية الفلسطينية وتحرير القدس من اليهود، ونصرة العراق وتحريرها من الغزوة الأمريكية البريطانية.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved