كعادة الرجال الكبار يرحلون دون ضجيج ..بهدوء وطمأنينة .. كهدوء أنفسهم واطمئنان الناس لهم يرحلون.
هكذا رحل الأمير ماجد بن عبدالعزيز .. الأمير الإنسان، الذي ودع الدنيا دون أن يشعر بذلك كل من عرف ماجد الإنسان ..
في خضم انشغال الناس بما يجري في بغداد، رحل ماجد بن عبدالعزيز، وكأنه يتوافق مع طبيعته وتكوينه الفكري الرافض للظلم والقتل والحروب.
رحل الأمير الهادئ .. الغارق دائماً في التفكير، المنشغل بالهموم الإنسانية دون أن يدنس يديه بمتاع الدنيا، فلا يعرف عنه ان استحوذ شيئاً لنفسه.
تسلم مسؤولية وزارة البلديات والشؤون القروية، فوضع أسسها وأقامها على أصول علمية وإدارية لا تزال تسير على الركائز نفسها التي أقامها، وغادرها دون أن يستحوذ على أراض أو يخصص لمن يحيطون به أو أقاربه المقربين، أو المحسوبين عليه.
تولى شرف إمارة مكة المكرمة فتعامل مع المنصب بسمو الإنسان العفيف، أو بشفافية الفكر النظيف، فأعطى الثقة لمن حوله، وكان يعتقد وهذا هو دأب الشرفاء ونظيفي اليد أن الجميع مثله، وعندما وجد أن الآخرين ليسوا مثل ماجد ... انسحب بهدوء ليتفرغ للعلاج.
ومثله مثل كل الخيرين والجيدين .. المحبوبين، ابتلاه الله بمرض لعين، أتعبه وأنهك جسده الذي أسلم لمشارط الجراحين والأطباء، ولكن إرادة الله كانت هي النافذة، لنفقد رجلاً كبيراً في عصر نحتاج فيه الرجال الكبار من نوعية الراحل ماجد بن عبدالعزيز الذي لم ألتق به إلا مرة واحدة، ومن يومها ترك لدي انطباعاً لم تمحه السنون، وستظل ذكراه طيبة ودائمة، فالموت لا يغيب مآثر الرجال الشرفاء.
رحم الله أبا مشعل وأسكنه رب الرحمة جنات النعيم إن شاء الله، وألهم أسرته وكل محبيه الصبر والسلوان.
{إنَّا لٌلَّهٌ وّإنَّا إلّيًهٌ رّاجٌعٍونّ}.
|