في هذا الوقت العصيب، الذي قد يعد مرحلة فاصلة في التاريخ، وكالعادة في المراحل الانتقالية، فإن أي محاولة للتغيير - في غالبية الأمور - تُجني ثمارها.. وقد لا ينفع عملها في أوقات أخرى.
ومن الأمور والبلايا التي يجدر بنا التخلص منها قبل ان تنتشر سمومها في أجسادنا أكثر ثم لا نجد للشفاء سبيلاً، هي مصيبة الثقافة الأمريكية التي اجتاحت العقول وحلت محل الثقافات الأم، والتي انتقلت الينا بوسائل مختلفة تفننوا على مدى العقود الأخيرة في ابتكارها واختبارها لإحكام السيطرة على العالم.
وبسبب هذه الظروف لن يكون هذا التغيير بنفس الصعوبة التي كان عليها سابقا «قبل سنة أو سنة ونصف السنة»!! فالظروف التي نعيشها الآن سوف تجعل أي محاولة للتغيير - فيما يختص بهذا الأمر - أسهل وأكثر تقبلا من الجميع على اختلاف توجهاتهم.
وسيطرة الثقافة طوال تلك السنوات واستبدالها بالثقافات الأصلية للشعوب، أصبحت شيئاً واضحاً وملموساً في جميع أنحاء العالم شرقاً وغرباً، الذي يشرب «المياه الغازية» كجزء من نظامه الغذائي، ويرى أفلام هوليود، ويستمع لموسيقى «الراب في الروك آند رول»، ويرى نفسه متطوراً وهو يقرأ روايات أجاثا كريستي.
ولاشك ان الاطلاع على هذه الثقافة أو أي ثقافة أخرى - مجرد اطلاع - دون أن نغرم بها، هو شيء طبيعي، بل ويتحتم علينا في بعض الأحيان باعتبار أننا نعيش في عالم مفتوح منبسط، ولكن أن تسيطر ثقافة ما على فكر أمة تملك هوية عريقة ومنهجاً عالمياً، هو شيء يحتم التغيير الفوري، فكيف إذا كانت هذه الثقافة المسيطرة هي لأعداء صريحي العداء، يطعنوننا من ورائنا وخلفنا بكل جراءة.
وأهمية كبح جماح هذه السيطرة لا تنطلق من هشاشتها أو عدم عراقتها فحسب، بل لأننا بتركها سنعود الى ما هو أقوم وأعرق، الى معيننا الأصل.. «ثقافتنا» التي هي بالتأكيد الصدر الحنون لنا والأقرب الى طبيعتنا وفطرتنا.
إننا بحاجة الى قليل من المحاولة للتغيير والرجوع السريع، بانتهاز فرصة هذه الظروف والعداء السافر من أصحاب هذه الثقافة والتخلص من ثقافتهم العقيمة بل ورميها في وجوههم والذي سيعد من أكبر وسائل هزيمتهم بل وتحطيمهم، ولا يسعنا ذلك الوقت إلا النظر الى منظرهم المضحك وهم يتحسرون على سنينهم الطويلة وهي تضيع سدى بعد ان قضوها تخطيطاً وعملاً وابتكاراً لكل ما يرسخ ثقافتهم في نفوسنا.
والآن بعد ان أصبحت الكرة في مرمانا.. ماذا سنفعل؟
سؤال يطرح نفسه وينتظر الاجابة العملية..
|