صدرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية وهي تحمل على صدر صفحتها الأولى عنواناً يقول مفكرو بوش يعيدون تشكيل العالم على مائدة الإفطار ووصفت القصة تفاصيل الاحتفال بالنصر الذي نظمه معهد «أمريكان إنتربرايز إنستتيوت» الأمريكي للأبحاث في صباح انطلاق القوات الأمريكية لاجتياح العراق.
وقد كان من بين المشاركين في هذا الافطار بيل كريستول رئيس تحرير مجلة ويكلي ستاندرد لسان حال المحافظين الجدد وريتشارد بيرل رئيس مجلس سياسات الدفاع بوزارة الدفاع الأمريكي سابقا والذي استقال من منصبه أمس على خلفية فضيحة مالية ومايكل ليدين مؤلف كتاب «سادة الإرهاب» ومن المؤكد أن هؤلاء الحضور قد تحدثوا باستخفاف عما ستقوم به الولايات المتحدة في الأيام القادمة مع الفرنسيين والألمان والإيرانيين والسوريين والأمم المتحدة بعد أن ينتهوا من العراقيين.
وقد ندد كريستول بفشل الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب في الدخول إلى بغداد أثناء حرب الخليج الثانية عام 1991.
أما ريتشارد بيرل فقد قال مازحا ان المظاهرات المناهضة للحرب في سان فرانسيسكو بأمريكا تفوق رغبة العراقيين أنفسهم في الدفاع عن بلادهم، أما ليدين فقال ان ألمانيا وفرنسا قد وصلتا إلى مستوى هابط بدرجة تثير الاشمئزاز بمساندتهما لأنظمة حكم ديكتاتورية.
ثم انتقل الرجل إلى حديثه عن الحاجة إلى حرب أطول وقال كريستول إنه يجب فصل ألمانيا عن فرنسا ولكن هذه المهمة تحتاج إلى ذكاء دبلوماسي يفوق ما يمكن أن نتوقعه من جانب وزارة الخارجية الأمريكية.
وعندما قال بيرل ان أمريكا لا تنتقم ولا تتحرك بنزعات ثأرية قاطعه ليدين قائلا إنه في حالة فرنسا يتمنى لو انتقمت أمريكا منها فعلا.
فماذا قال بروك عن هذا؟
قال ان هناك إمبراطوريات عظيمة تحكمها عقول صغيرة ولكن من كل هذا تثور أسئلة مهمة على الرئيس بوش أن يجيب عليها على الفور، إلى أين ستذهب أمريكا بعد العراق؟
من المنطقي في ضوء مبدأ بوش عن الحرب الوقائية ومحور الشر أن يكون الهدف التالي هو إيران، فهي هدف مفضل أيضا لرئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون الذي يبدو أنه يشعر بقدر من الإحباط لأنه لم توجه إليه الدعوة في تحديد أهداف الضربة الجوية الأمريكية ضد العراق.
حسنا لماذا لا يكون الهدف القادم إيران؟
رغم كل شيء فإنه بمجرد تنصيب حاكم أمريكي في بغداد، فإن إيران ستكون قد وقعت تحت حصار عسكري أمريكي من كل الجهات تقريبا، فالقوات الأمريكية في تركيا وفي العراق وفي دول ومياه الخليج العربي وفي أفغانستان وفي جمهوريات آسيا الوسطى، ورغم كل ذلك فإنه قد لا تكون إيران هي الهدف التالي بعد العراق لأسباب عديدة في مقدمتها أن مساحة إيران ثلاثة أضعاف مساحة العراق وعدد سكانها ثلاثة أضعاف عدد سكان العراق، كما ان عدداً كبيراًَ من الإيرانيين سوف يقاتلون دفاعا عن وطنهم أكثر مما يقاتل العراقيون دفاعا عن صدام، ثم من سيكون حليف أمريكا في تلك الحرب المنتظرة؟ توني بليرالذي شارف على الموت السياسي بسبب تحالفه مع أمريكا في الحرب ضد العراق؟وتحت أي ذريعة يمكن شن الحرب ضد إيران؟ فطهران لم تنتهك 18 قرارا من قرارات مجلس الأمن كما تتهم أمريكا العراق حاليا، المرشح الثاني للحرب الوقائية الأمريكية التالية هو كوريا الشمالية وإذا كانت إيران تحدت مبدأ بوش ببناء مفاعلات نووية ومحاولة استخراج اليورانيوم فإن كيم جونج إيل رئيس كوريا الشمالية أعلن في وجه أمريكا أن بلاده تطور أسلحة نووية فعلا. لقد تمكن بوش من الإطاحة بنظام حكم حركة طالبان بدون خسائر تقريبا وانتقل إلى الإطاحة بصدام حسين بعد حشد ربع مليون جندي لتحقيق هذا الهدف. فماذا سيحتاج بوش لكي يطيح بحكام كوريا الشمالية وإيران أو بكليهما؟ هل يمكن أن يقتنع الأمريكيون بأن هذه الدول لها أي علاقة أو دور في هجمات الحادي عشر من سبتمبر حتى يمكن الإطاحة بها لكي يعيشوا في أمان؟ وهناك أيضا تعهد من جانب بوش لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير بإجبار رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون على خريطة الطريق لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، فهل يستطيع بوش احترام هذا التعهد إذا ما رفض شارون؟
إذاً فالقرارات الأشد صعوبة سوف تأتي الان بعد سقوط بغداد، فالسيناريوهات التي وضعها رجال معهد أمريكان إنتربرايز انستتيوت وهم يتناولون إفطارهم لم تنضج بعد.
* مرشح سابق للرئاسة الأمريكية المصدر: «وورلد نت ديلي»
|