ليس هناك سوى حديث الحرب، تتحول أدمغتنا إلى إناء كبير محتشد بالكلمات والتعابير والجمل «القصف، طلعة جوية، مذبحة جماعية، نقص حاد في الماء والطعام، قوات تحالف، فدائي صدام، حرب الشوارع، تصريح حربي، العلوج الطراطير، الدم العربي، التفوق الحربي وأطفال العراق ...........».
هدير من الكلمات والزعيق والهدير والأزيز وجميع ما في «قاموس الثعالبي من أسماء للصوت» جميع هذا يترجرج في ماء أدمغتنا منقوعاً في ماء الخذلان والخيبة والقهر.
ننجو بأرواحنا من ضجيج الأخبار ولكن أين النجاة؟؟
ونحن نرفل في نعمائنا وتلك الطفلة العراقية التي تيبس أطرافها برودة ثلاجة الموتى، رفعت يديها لتلتقطها أم إلى رحابة صدرها فالتقمتها شظية قنبلة، والأخرى التي تجاور أمها في تابوت الموتى وما برحت «مصاصتها» في فمها.
يا إلهي لا تأخذنا بغتة، يا إلهي لا تسلط علينا من لا يخشاك فينا.
والعمر المطوق بزمن المرارة والهزيمة،، ما نوع المشاريع التي نعدها للمستقبل؟
وكم كفن أعددناه لأحلامنا.
اخترت من بداية الحرب أن أتحدى لغة النحيب، وأتجاوزها وأقهر خيبتي، وأقف على الأطلال وحيدة الا من اللوعة، ولكن النحيب يشق طريقه الى قلوبنا ونحن نرى أطراف أطفال العراق المتيبسة.
ماذا فعل بنا الطغاة؟؟ ماذا صنعوا بنا؟ وماذا حل بنا؟ هل يستحق صدام وسبعين من أهل بيته قلامة ظفر تلك الطفولة المقهورة المتيبسة في ثلاجات الموتى؟ هل يستحق؟
نحن نرى صراع الثيران الشكل الأعمق لصراع الغابة..
يا نسوة العالم اتحدن، ضد طغيان الحروب، اتحدن ضد البطش والقسوة والمجازر والظلم، يا نسوة العالم اتحدن ضد الموت والدمار.
يا نسوة العالم لنعد استيلاد هذه الحياة بشكلها الفطري البسيط لنعد قوانين الزراعة (الخصب والنمو) لنبذر بذار الحب والحياة والمودة في أذهان أطفالنا، لتنمو في الغد شتلات صغيرة تقف في وجه التصحر والموات والخراب الذي يصنعه الطغاة، بعد أن عجز الرجال عن تقديم حلول ناجعة لأورام العالم وحروبه ومجازره عبر التاريخ، فلنحاول نحن وأدمغة صغارنا وشتلات صغيرة تتحدى الموات.
|