صعب أن يكون الموت وبالذات موت رجل غالٍ على قلوب من أحبه وعرفه صعب جداً أن يتحول إلى مناسبة للحديث عن موته تلك مفارقة في قمة الحيرة أن تجد نفسك كحي ضعيف تؤبن ميتاً كبيراً في حياته لكن ليس أمامنا إلا أن نقول فعلاً رحل الأب والأخ والصديق الصدوق ماجد بن عبدالعزيز.
رحل الرجل الذي يفرض عليك خلقه وقيمته كإنسان قبل أن يشعرك أنه سليل أسرة حاكمة أو أمير تولى امارة في يوم من الأيام.
رحل المثقف الضليع والمتواضع الرفيع والإنسان ماجد بن عبدالعزيز وهو يمثل أصدق وأجمل معاني الإنسانية. بعد أن رسم في ذاكرة كل من تعامل معه أعلى درجات الحكمة والبساطة والالتزام.. دون أن نسمع من أحد قط أنه ضد أحد أو أساء إليه أو بطش ليشكل في ذاكرتنا رجل القيمة الإنسانية ويسطر في أعماقنا أجمل وأنبل التعامل الشفاف والخلوق، وعندما نفقد الكبار الكبار نعرف جيداً مرارة الفقد في أقسى المشاعر العصية عن التعبير باللغات وكل اللغات وعندها فقط أيضاً نكتشف الحكمة البالغة لهذا الوجود بالتفريق بين حلاوة الحياة وجسامة الموت. وسيذكر التاريخ لماجد بن عبدالعزيز أنه زرع بذرة مكتبة الملك فهد العامة بجدة حيث وقف بجانبي داعماً لهذه الفكرة حتى أصبحت حقيقة ماثلة ويعتبر - رحمه الله - الأب الروحي لهذا المشروع ولن أنسى له - رحمه الله - أنه كان يتصل بي شخصياً من النمسا، بل حتى من على فراش مرضه ليطمئن على مشروع المكتبة وما وصلت إليه.
هذا نموذج من مشاريع إنسانية واجتماعية تبقى علامة مضيئة تذكر للراحل الإنسان الإنسان (ماجد بن عبدالعزيز) عمق قيمه ونبل مقاصده. رحمه الله بحجم كل مشاعر من أحبه ومن افتقده.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
عبدالله الخشرمي
|