ما بين الإعجاب والتقدير المشوب بالدهشة من القدرة على الصمود البطولي في وجه أعتى قوة على وجه الأرض... وما بين الاستنكار والرفض المصحوب بالاشمئزاز والغضب، تابع العرب، كل العرب ما يحصل في العراق.
في الأيام الأولى للعدوان الأمريكي البريطاني المزدوج على العراق تابعنا بإعجاب متزايد الصمود البطولي الذي أبداه الشعب العراقي، وكان لعرقلة القوات الأمريكية والبريطانية في أم قصر ثم البصرة وبعدها في الناصرية وقع طيب في الأنفس.. وكانت مثار إعجاب من قبل المتابعين، ليس تضامناً مع النظام العراقي السابق، إذ لا أحد يتعاطف مع حكم صدام حسين البائد، ولكن لأن بلداً عربياً يتعرض للغزو والعدوان واجتياح قوات أجنبية فلا بد أن ترفض الجماهير العربية هذه الهجمة العدوانية مهما كانت المبررات والأسباب التي تتخفى خلفها القوات الغازية.
ظل هذا التعاطف والإعجاب مسيطراً على الجميع حتى دخلت القوات البريطانية البصرة، ثم دخلت القوات الأمريكية بغداد، وبعدها كركوك ثم الموصل، وهنا تحول الإعجاب والتقدير إلى حد الاشمئزاز والغضب من الأفعال الغوغائية المنحطة التي تمثلت في النهب والسلب والسرقة التي قام بها غوغاء بعضهم من سكان المدن التي استباحتها القوات الغازية التي لم تحرك ساكناً لوقف اللصوص عن نهب ممتلكات الشعب العراقي، فحرقت المؤسسات التعليمية والطبية والوزارات. والمؤسف أن التركيز كان موجهاً للجامعات، فنُهبت وحُرقت جامعات البصرة وبغداد والموصل، وشوهد اللصوص يسرقون الكتب والمذكرات إلى جانب أجهزة الحاسب الآلي والمعدات الطبية، شاهدنا والدموع تكاد تطفر من أعيننا، كيف قام أحد المجرمين بإزاحة مريض من على سرير المستشفى ليسرقه ..!! فهل هذه هي أخلاق العراقيين ...؟!!!!
إن المرء ليحار، هل يؤدي الحقد الدفين على النظام إلى كل هذا ..؟!!! أم أن هناك فئات تعمل حسب توجيه ما مثلما شاهدنا في كركوك كيف كانت تنظيمات الحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاتحاد الكردستاني الديمقراطي الذين دخلوا مع القوات الأمريكية حاملين راياتهم الصفراء والخضراء وقد تفرغوا للنهب والسرقة، وان هذه العناصر المحسوبة على الطالباني ومسعود البرزاني يتحولون من مقاتلين إلى لصوص، وان الموصل تتعرض هي الأخرى للنهب من قِبل نفس الجماعة بمساعدة بعض عناصر مما يُسمى بفيلق «بدر» الذين دخلوا من ايران مع بدء الغزو للعراق..!!
هل هؤلاء عراقيون ... أم أن الحقد الدفين على النظام السابق أعمى بصيرتهم فسرقوا حتى سمعة العراقيين التي لطختها أفعال لصوص التحرير ..!!
|