Sunday 13th april,2003 11154العدد الأحد 11 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

تسبب ذلك في خسائر لمعظم القنوات وآثارها قد تستمر طويلاً تسبب ذلك في خسائر لمعظم القنوات وآثارها قد تستمر طويلاً
صواريخ الحرب تُغيِّب الإعلانات التجارية في الفضائيات
المشاهدون فضلوا متابعة قصف بغداد على إعلانات الحلويات

* رؤية - عبدالرحمن اليوسف:
منذ أن قرعت طبول الحرب، ومنذ أن بدأت القنوات الفضائية بمتابعة الحشود العسكرية الأمريكية والبريطانية خلال توافدها على المنطقة الخليجية وغير الخليجية، ونحن نلاحظ غياب عنصر رئيس في القنوات الفضائية العربية هذا العنصر هو الركيزة التي يكاد يقوم عليها تأسيس معظم القنوات، هذه، إذ يلاحظ المشاهد إلى درجة الملل حضور هذا العنصر بقوة غير طبيعية في هذه القنوات، والمشكلة أنه لا يفرق بين مسلسل وبين برنامج أو مباراة أو حتى نشرة إخبارية أو جوية، وهذا العنصر التجاري أو كما يسمى «الإعلان التجاري» ليس عيباً أن يكون هدفاً ثانوياً ولكنه يكون كذلك متى أصبح هدفاً أساسياً لأي وسيلة إعلامية سواء المقروءة أو المسموعة أو المرئية.
ولعل القارئ يلاحظ هذا الغياب المؤقت والذي ليس بالضرورة أن يكون أخلاقياً، لأنه وبكل بساطة لا توجد مناسبة جيدة للإعلان عن منتج مثل الحلويات أو العطور وخلافه، ولأن معظم الإعلانات التجارية في وطننا العربي «راقصة» فلا أعتقد أن لها مكاناً بين القصف والقتل ومناظر الدم والأضرحة والتوابيت، هذا الرأي ربما يكون صحيحاً وقد يرضي بعض العقول، ولكن هناك سبباً آخر وربما يكون هو الأصح، خصوصاً أن قنواتنا الفضائية لا تفرق بين الأوقات (....) وكل الأوقات البرامج هي هدف إعلاني لديها، هذا السبب قد يكون عدم رغبة القنوات الفضائية في خسارة المشاهد الذي يريد متابعة صورة مدينة بغداد المباشرة وهي تتعرض للقصف إذ إنه يظل مشدوداً كما لو كان ينتظر صورة أو لقطة نادرة ستفوته لو حجبت عنه بإعلان تجاري مثلاً، لكني لا أرى أن هذا السبب أيضاً راجح إذ إن الصورة تقطع أحياناً بسبب استضافة محلل سياسي أو قائد عسكري سابق وأيضاً بسبب الإعلان عن موعد برنامج على نفس القناة.
والسبب الذي يبدو وجيها نوعاً ما وهو الأقرب للحقيقة أن هذه القنوات مرتبطة ببث فضائي مكلف مادياً من جميع النواحي الفنية المعقدة ومحدود الوقت مع المراسل الذي يوجد على الأرض العراقية وفي هذا الوقت البسيط لا بد أن تقوم القناة بعرض صورة المراسل وصورة المكان الذي يوجد فيه حتى لا يفوتهم خبر عاجل أو لقطة نادرة لسقوط صاروخ أو طائرة أو حتى انهيار عمارة أو مبنى أو سيارة تتعرض لقصف صاروخي جوي وبالتالي المشاهد خاسر والقناة خاسرة ولو حصل وخيرت القناة بين إعلان أو لقطة نادرة، فماذا برأيك عزيزي القارئ سيكون اختيارها خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار أن القناة ستتندر بهذه اللقطة في كل ساعة ودقيقة كما تفعل قناة ANN، التي تعرض صورة الجندي الفلسطيني الأسير عندما يقول «اسكت» هذه اللقطة مع أنها قديمة إلا أن تلك القناة لم تفكر في تجديدها أو تغييرها بأبشع منها، ومع أنني أرى أن هذا السبب قريب إلا أني لا أجده صحيحاً أبداً لأن التكنولوجيا في أوج تطورها الآن ويستطيع أصحاب القنوات تسجيل البث المباشر وإعادة عرضه متى كان مهماً أو نادراً.
أما السبب الصحيح فهو غياب المعلن أصلاً، لأن المستهلك لا يريد أن يدفع للتاجر الفلاني ثمن زجاجة عطر باهظة الثمن «قد يصل سعرها ريالاً أو ريالين أو أكثر لكل 1مل، وهذا المستهلك يترقب أمراً جللاً ومصاباً في إخوانه في العراق فهو لا يريد دخول الأسواق إلا للضرورة القصوى ولا يحتاج إلى السلع الكمالية في هذا الوقت العصيب بالتحديد، لكن هذا السبب أيضاً فيه ما فيه من عيوب ومداخل، فأنا لا اعتقد ولا يعتقد القارئ العزيز أن التجار مثاليون لهذه الدرجة ولا يريدون إزعاجنا بإعلاناتهم لأننا لن نشتري منهم أبداً، فليست السلع المعلن عنها في القنوات سلعاً كمالية فقط، بل حتى غذائية وتموينية وهذه السلع نحن في أمس الحاجة إليها كل يوم وكل أسبوع وكل شهر فكلنا نغسل ملابسنا بالصابون، ونأكل ونشرب ونقود السيارات ونؤمن على رخصنا وعلى سياراتنا وغير ذلك من بناء وترميم وتنظيف منازل ورش مبيدات وهلم جراً، وأنا لا أظن أن الحرب ستوقفنا عن ذلك أبداً.
ثم إن القارئ يجب أن يتنبه إلى أن كثيراً من الناس يعطي التلفزيون هذه الأيام جل وقته، وهذا يعتبر موسماً خصباً بالنسبة للتجار والمعلنين وغيابهم الآن ليس سوى تغيير إجباري، فالقنوات منعت منذ وقت مبكر - قبل الحرب بحوالي أربعة أيام - ظهور أي إعلان تجاري على شاشتها إلى أجل غير مسمى. وهذه رواية لا نكاد نصدقها ولكني أوردها لكم حتى تعرفوا مدى تفاهة بعض العقول فهل يتخيل أحد في ضوء تقدم الوسيلة الإعلانية أن ترفض قناة عربية إعلاناً «بفلوس»؟
ولكن كي لا أطيل عليكم أريد فقط أن تعرفوا أن هذا الموسم خصب - حقيقة - فالمشاهد متسمر أمام شاشة التلفزيون حتى أن بعضهم أصيب بالاكتئاب.
وعلى ذلك ازدادت أعداد مراجعي العيادات النفسية ومستشفى الصحة النفسية في الأيام الأخيرة، وأيضاً لا تزال أسواقنا عامرة بالباعة والمتسوقين وبالبضائع الجديدة، كما أن المطاعم لم تتأثر بأي خوف كان والبنوك ووكالات السيارات تشهد إقبالاً جيداً وعادياً. لذلك كله قامت القنوات الفضائية برفع سعر الإعلان عالياً جداً جداً حتى أن عقود الإعلانات لدى هذه القنوات قد حدد في بنودها أن العقد صالح حتى قيام الحرب ثم يلغى ويجدد بشروط جديدة منها السعر الجديد. وهذه الطريقة الذكية من قنواتنا الحبيبة استطاعت أن تضرب عصفورين بحجر واحد أولا أن تغيب المعلن الصغير ثانياً أن ترضي المعلن الكبير وتعطيه فرصة الوجود في خضم هذه الأحداث لكن هذا السبب يجعلني أفكر كثيراً أين المعلن الكبير حتى الآن ولماذا لم يظهر في هذا الوقت وهل هو خائف من خسارة المستهلك وخسارة نقوده وخسارة المرحلة المقبلة أم أن هذا السبب غير صحيح أيضاً؟

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved