مثلما تعرض الشباب العربي الذين دفعتهم غيرتهم الدينية والحماس الذي أشعلته الخطب الحماسية في اندفاعهم وتوجههم بالمئات إلى أفغانستان ل«الجهاد» مع الأفغان ليصبحوا فيما بعد ضحية لخيانة الأفغان من قوات الشمال الذين سلموا الكثير منهم وبعضهم من متطوعي الاغاثة إلى الأمريكيين ليستقر المقام بهم في أقفاص غوانتانامو، فيما قضى أغلبهم نحبه فوق جبال وكهوف افغانستان.
نفس هذه الخيانة تتكرر في العراق، وهذه المرة من رجال نظام صدام حسين الذي ذهب شبابنا العرب ل«الجهاد» إلى جانب قواته..!!
ومثلما شاهدنا، وما ان بزغت شمس يوم العشرين من بدء العدوان الأمريكي على العراق، صحا «المتطوعون» العرب ليجدوا كل المقاتلين العراقيين قد اختفوا، الضباط العقائديين، والمدربين الذين كانوا يعدون هؤلاء الشباب للمقاومة، والمسؤولين العراقيين عن مكان تجمع المتطوعين الذين ينسقون معهم لعمليات المقاومة.
فوجئ الشبان المتطوعون العرب باختفاء الجميع مما أوقعهم في حيرة من أمرهم، بعضهم دفعه الحماس إلى طلب الشهادة وتوجه قرابة الستين شخصاً إلى تحت جسر الجمهورية الذي عبرته الدبابات الأمريكية ليخوضوا معركة يائسة استشهد فيها أغلبهم والجرحى منهم وقع بيد الأمريكيين، في حين لم يقتل من الأمريكيين إلا جندي واحد!!
كثير من هؤلاء المتطوعين العرب استشهد ودمه معلق برقبة المسؤولين العراقيين الذين لم يخبروا هؤلاء الذين دفعتهم غيرتهم الدينية إلى القدوم إلى العراق، وحتى وإن كانت القيادة العراقية قد نظمت انسحابا «تكتيكياً» من أجل خوض حرب طويلة للمقاومة وأخفت معداتها ودباباتها ومقاتليها وفق أساليب وطرق لابد ان القيادة العراقية قد أعدت خططها منذ وقت طويل، وانها لا تريد ان تكشف هذه الخطط لهؤلاء المتطوعين الذين يختلفون معها فكرياً وايديولوجيا وتنظيمياً يمكن تصور هذا، وهو خاص بالقيادة العراقية التي تخوض معركة حياة أو موت.. كل هذا يمكن تصوره، إلا ان الذي لا يمكن لأحد ان يقبله ان يُترَك هؤلاء المتطوعون الذين جاءوا بدافع غيرتهم الدينية وحبهم للعراق ان يتركوا لمصيرهم دون ان يوجهوا الوجهة الصحيحة. وإذا كانت القيادة العراقية لديها مثل هذه الخطط فقد كان الأجدى بها ألا تغري هؤلاء الشباب وتشجعهم على القدوم للعراق وترفض دخولهم الأراضي العراقية مثلما رفضت دخول المساعدات الإنسانية التي رغبت العديد من الدول العربية إرسالها للعراق.
|