رداً على تهجم النائب اللبناني وليد جنبلاط على المملكة العربية السعودية والأمراء السعوديين، وفي ظل غياب موقف حاسم في لبنان للرد على هذا التهجم، أصدر المكتب الإعلامي للأمير الوليد بن طلال البيان التالي:
يستغرب مكتب صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال منهج الانتقائية الذي يتبعه البعض في لبنان لوضع حدٍ للجهات التي تتعرض للمملكة العربية السعودية عبر وسائل الإعلام، فبينما لاحظ الجميع إصرار «هؤلاء البعض» على إقفال إحدى المحطات التلفزيونية لدى إعلانها عن موعد بث حلقة عن المملكة العربية السعودية قيل إنه في حال بثها ستتأثر العلاقات الحميمة بين لبنان وبين المملكة العربية السعودية بشكل سلبي، نجد أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء تجاه التصريحات شبه اليومية للنائب وليد جنبلاط «الذي يعتبره (البعض) حليفاً سياسياً» عبر وسائل الإعلام اللبناني، تلك التصريحات التي أخذت قالب الحملة الموجهة ضد المملكة العربية السعودية وأعضاء العائلة المالكة السعودية، كما أنه لم يصدر أي بيان لاستنكار مثل هذه التصريحات ضد دولة «صديقة».
كما يستغرب مكتب سمو الأمير الوليد موقف النائب وليد جنبلاط الذي بات يكرر مصطلحات غريبة ضمن تحليلات أبعد ما تكون عن المنطق، فعلى سبيل المثال يتهم جنبلاط السعودية بأنها «وهابية» وأنها اتفقت مع الحكومة الأمريكية على توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل كثمن لسماح الولايات المتحدة الأمريكية «للوهابية» بالاستمرار في السعودية!
وقبل المضي قدماً، يجب هنا التشديد على أن النائب جنبلاط قال إن مصالح اليمين المتطرف الأمريكي قد تلاقت مع المطامع الصهيونية في الشرق الأوسط.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا ويكشف تضارب وتخبط تصريحات النائب جنبلاط هو أنه كيف يمكن لنائب في البرلمان اللبناني أن ينعت المملكة العربية السعودية «بالوهابية» في الوقت الذي يعرف فيه كل مطلع على مجريات الأحداث العالمية أن مصطلح «الوهابية» قد بدأت بترويجه نفس المجموعة التي تحدث عنها النائب جنبلاط وهي اليمين المتطرف في الولايات المتحدة الأمريكية المتحالف مع الصهيونية؟ وكان هذا اليمين المتطرف قد أخذ على عاتقه شن حملات إعلامية متكررة ضد المملكة العربية السعودية عقب أحداث 11 سبتمبر 2001م. فهل يعني هذا أنه من جهة بات جنبلاط المندوب اللبناني غير الرسمي المتحدث باسم من يسميه جنبلاط نفسه باليمين المتطرف المتعاطف مع الصهيونية، بينما هو من جهة أخرى يحاول أن يلعب بمشاعر الشارع العربي بشكل عام والشارع اللبناني بشكل خاص على حساب المملكة العربية السعودية لكسب شعبية أكبر؟
على أية حال، فهذا التصرف ليس بمستغرب على النائب جنبلاط، فكلنا يتذكر كيف كانت تصريحاته قبل الانتخابات اللبنانية البرلمانية الأخيرة بخصوص التشكيك بضرورة التواجد السوري في لبنان والتي جاءت في حينها لكسب تأييد الناخبين المسيحيين في الجبل، وسرعان ما انقلب هذا الموقف بعد انتهاء الانتخابات إلى موقف يختلف كلياً عما قبل الانتخابات. وخلال رحلات سمو الأمير الوليد بن طلال العديدة إلى سوريا الأبية تم التطرق لهذا الأمر أكثر من مرة وقد تسنح الفرصة ببيان مستقبلي للإسهاب في هذا الموضوع، لأن المجال هنا لا يسمح بالدخول في تفاصيل أدق لتحليل تصريحات جنبلاط الموالية تارة والمعارضة تارة أخرى للوجود السوري في لبنان في دلالة واضحة على تذبذب موقفه، ولربما يسمح المجال في وقت لاحق، ولكل حادث حديث.
أما فيما يتعلق بزعمه أن السعودية فرض عليها توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل لقاء السماح الأمريكي بما تبقى من «الوهابية» بالاستمرار، فهذا هو الهراء بعينه لأن العالم أجمع يعرف أن كل الدول العربية وخلال مؤتمر القمة العربية الذي عقد على أرض لبنان الحبيبة برئاسة فخامة الرئيس العماد إميل لحود، هي التي تبنت مبدأ السلام مع إسرائيل مقابل الأرض. والمملكة العربية السعودية كانت وما زالت من أكبر المناصرين للحقوق الفلسطينية ومن أكبر الداعمين لها.
ووجب التنويه هنا على أن «الوهابية» ليس لها وجود، ويتم استخدام المصطلح من حين لآخر خلال محاولات بائسة لتحقيق مكاسب إعلامية خاسرة، مثال ذلك تكرار اليمين المتطرف الأمريكي لهذا المصطلح خلال حملاته الإعلامية على السعودية بعد أحداث 11 سبتمبر.
وقد تبدو تصريحات النائب جنبلاط وكأنها تحث الشارع العربي على تبني موقف موحد، ولكنها في حقيقة الأمر تحاول وبشكل صارخ خلق شق وخلاف بين الأمراء السعوديين، فلقد صنف جنبلاط الأمراء السعوديين إلى قسم يناصر القدس الشريف وآخر يريد السلام مع إسرائيل. وهذه محاولة ليست فاشلة فحسب، وإنما توضح مدى جهل جنبلاط بالعلاقة الوثيقة والحميمة التي تربط أفراد العائلة الحاكمة السعودية ببعضهم البعض من جهة، ومدى تعاضد الأمراء ووقوفهم صفا واحدا، كبيرهم وصغيرهم، خلف قيادتهم. وإذا اعتقد جنبلاط أنه سيتمكن من خرق وحدة صف العائلة الحاكمة السعودية لعدم فهمه سياسة الحوار والنقاش اللذين دعا إليهما ويشجعهما صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني، فهو أبعد ما يكون عن استيعاب الدور البناء للحوار والنقاش في بناء وتطوير الدولة.هذا وإذ يصدر مكتب الأمير الوليد بن طلال بيانه هذا، وجب التأكيد على أن المملكة العربية السعودية ليست بحاجة لمن يدافع عنها أمام الهجمات التي اعتادتها من الإعلام الغربي وتستغربها من جهات عربية، ولكن وجب هنا توضيح بعض الأمور وربط بعض الحقائق ببعض لمنع أي كان، وفي هذا الوقت الحرج بالذات الذي تمر به الأمة العربية ويدعو للتماسك والتعاضد، من التلاعب بعواطف الشارع العربي على حساب المملكة العربية السعودية وأفراد العائلة الحاكمة. كما يؤكد الأمير الوليد بن طلال أن هذا التصريح هو بيان أولي لتبيين جزء من بعض الحقائق ويمكن أن يتلوه بيانات تعقيبية إذا لزم الأمر، ولكل حادث حديث.
|