يشكل الفم عضوا «هاماً» بالنسبة إلى الطفل فعند الولادة يتوقف بكاء المولود حديثا على الرضاعة الغريزية حيث تتنبه الشفاه واللسان ومن ثم يصبح الفم الوسيلة الأساسية لاستكشاف المحيط وعن طريقه يكتشف الأطفال أيديهم وأصابعهم وأقدامهم.
تحظى عادة مص الأصبع عند الأطفال باهتمام اخصائي الصحة وتشكل مجالاً لاهتمامات الوالدين والأسرة التي يمارس طفلها هذه العادة وقد ورد في أحد التقارير أن نحو 20 - 45% يمارسون عادة مص الأصبع معظمهم يمصون الابهام وقليل منهم يمص الأصابع الأخرى.
الأسباب
إن مقداراً معيناً من المص يكون ضرورياً للطفل ليطور عضلاته حول الفموية ويستخدمها لمتطلباته الغذائية والكفاية العاطفية.
ولهذا تعدّ العملية بحثا عن الغذاء بالاضافة إلى الهدف الآخر وهو الارضاء النفسي الذي هو حاجة طبيعية في مرحلة الطفولة وقد لوحظ ان الاطفال الذين يمنعون من الرضاعة بسبب المرض أو اي عوامل اخرى غالباً ما يصبحون متململين سريعي الغضب وفي بعض الاحيان نجدهم فاتري الهمة ولكن يمكن تلخيص عادة مص الأصبع إلى:
1 - طفل قلق سريع الغضب بسبب ظروف اجتماعية معينة.
2 - مشكلة نفسية مترافقة مع أو دون نقص تغذية وأهمها:
أ - فصل الطفل عن أمه خلال الأشهر الستة الأولى.
ب - ولادة طفل جديد وانتقال الاهتمام إليه.
ت - عدم كفاية حليب الام دون الاستعانة بحليب اصطناعي وشعور الطفل بالجوع.
3 - ان الاطفال الذين يفطمون في وقت متأخر عن الثدي تكون قابلية المص عندهم أقل من الاطفال الذين يفطمون بوقت مبكر.
4 - دخول الطفل إلى المدرسة ومقابلة مجتمع جديد.
5 - موقف الأهل غير المتفهم لطبيعة العادة وأساليبهم في كبحها.
6 - قد تبدأ مع بزوغ الأسنان كمساعدة في الحك ثم تتوقف بعد تمام البزوغ.
وتتوقف شدة الأذية الناتجة عن المص على عدة عوامل:
- مدى تكرار العادة باليوم وشدتها واختلاف الأصبع التي يمصها فإذا كانت السبابة هي المفضلة فمن المتوقع أن يكون الضرر أكبر.
تتجلى اعراض هذه العادة بحدوث سوء اطباق يتميز: عضة مفتوحة أمامية أو جانبية وحدوث سوء اطباق صنف ثانٍ وتشوه المنطقة السنخية الامامية كما تتطور العادة لتتحول إلى عادة مص الشفة ويلاحظ بعض الاعراض الاخرى مثل الاصبع التي يستعملها الطفل بالمص تصبح نظيفة ومدببة والأظفار قصيرة.
يمكن لبعض التشوهات ان تتصحح من تلقاء نفسها إذا توقف الطفل عن ممارستها بعمر قبل خمس سنوات وربما عادت التشوهات التي حدثت بشكل طبيعي حتى عمر 12 سنة.
المعالجة
يجب تضافر جهود فريق مؤلف من اخصائي اسنان والتقويم والاهل الذي لهم دور رئيس في انجاح المعالجة.
قبل البدء بالمعالجة يجب ان نوجد لدى المريض استعداداً «نفسياً» للاقلاع عن هذه العادة ويجب عدم استعمال التهديد أو الاستهزاء بل السعي للوصول إلى صداقة المريض ومن الافضل أن نريه أمثلة جبسية وصوراً فوتوغرافية لأطفال يمارسون هذه العادة قبل المعالجة ويمكن اضافة إلى ذلك الاستعانة ببعض الوسائل لتذكير الطفل بضرورة ابقاء اصبعه بعيداً عن فمه كاستعمال حزام خاص يضعه كل ليلة حول اصبعه التي يستعملها بالمص تنبهه إلى ضرورة ابعادها كلما حاول وضعها بفمه بصورة عفوية.
وإذا لم يستطع الطفل رغم كل ذلك السيطرة على العادة يصبح مهيأ من الناحية النفسية لاستعمال الاجهزة السنية الخاصة ويجب ان يدرك ان هذه الاجهزة صنعت للتذكير وليس للعقاب ولها عدة اشكال منها متحرك ومنها ثابت.
تعتبر هذه الاجهزة مفيدة في قهر العادة لان ممارستها تصبح غير ممكنة وتفيد في اعادة الاسنان العلوية البارزة إلى وضعها الصحيح وإلا يحال الطفل إلى اخصائي التقويم لتصحيح وضع أسنانه وفكه السيء بالجهاز الثابت.
يجب أن نتذكر أن مص الأصبع مظهر طبيعي خلال السنتين الأوليين من الحياة ولا يجب إيقافها لهذه الفترة لأنها تشكل خطراً على نفسية الطفل اما اذا استمرت إلى ما بعد 4 سنوات فيجب البدء بالمعالجة.
الدكتور سمير إبراهيم حسن أخصائي في طب الفم والاسنان- جامعة دمشق - العيادات الاستشارية
|