تعليقاً على ما ينشر في الجزيرة من مواضيع عن الشائعات «مرض العصر» المزمن يقول الله سبحانه وتعالى {يّا أّيٍَهّا الذٌينّ آمّنٍوا إن جّاءّكٍمً فّاسٌقِ بٌنّبّأُ فّّتّبّيَّنٍوا أّن تٍصٌيبٍوا قّوًمْا بٌجّهّالّةُ فّتٍصًبٌحٍوا عّلّى" مّا فّعّلًتٍمً نّادٌمٌينّ} [الحجرات: 6] .
قاعدة قانونية وتشريع إلهي خالد حدد أسلوب التعامل مع الأنباء عموما والأنباء التي يكون مصدرها الفساق خصوصا وذلك على طريق التمحيص والتدقيق والسؤال والاستفسار عن ذلك النبأ وما هو الغرض منه، فإن تأكدنا من صحته أذعناه ونشرناه أو تجاهلناه برمته، حتى لا نندم على إجراء اتخذناه على عجل وعن جهل ولات حين ندم..
هذه مقدمة لأولئك الأشخاص الذين يحبون نقل الأخبار دونما ترو وتمحيص، حتى يشار إليهم عند نقلها بالبنان ويذكرون في كل مجلس وميدان ولا يفكرون في الأحداث التي سوف تحصل بعد تلك الأخبار خاصة إذا كانت غير صحيحة بل وضارة، إنهم مرضى نفسانيون مصابون بالعقد النفسية والاضطرابات العقلية يمارسونها لا شعورياً لتلبية نزعات غير إرادية يوحي لهم بها العقل الباطن، وهي ما تسمى بالشائعات والتي عرفها بعض العلماء بأنها:
عبارات مكتوبة أو منطوقة يبثها بعض المغرضين لتصديقها وتناقلها لتحقيق أهداف اجتماعية أو اقتصادية أو نفسية أو سياسية أو عسكرية أو أمنية أو أخلاقية.
وتنتشر الشائعات في أوقات السلم والحرب على حد سواء وتبرز أكثر خلال الأزمات والحروب حيث تفرخ فيها وتنمو وتترعرع نظرا للاستعداد النفسي لدى الجماهير لتوفر الأرض الخصبة لتصديق أي خبر مهما كان مصدره.
ولو عدنا إلى تقصي الأسباب التي تساهم في انتشار الشائعات لوجدناها عديدة منها:
1 قلة وغياب المعلومات الصحيحة عن الأخبار المنتشرة.
2 التأخر في إصدار البيانات اللازمة للأخبار والحوادث.
3- عدم المصداقية والزيف والتحريف للحقائق.
وتتنوع الشائعات من شائعات الخوف والأمل والحقد والحلم إلى الشائعات الحالمة والغائصة والزاحفة وكلها أنواع منبوذة لا يحبذها إنسان ذو عقل ناضج ومدرك.
وتعتمد الشائعة على المبالغة في نقل الأخبار والحبكة والطبخة لمحتوياتها وأساليب نشرها المتعددة من تلفزيون وإذاعة ومطبوعات وإنترنت وهاتف.
والملاحظ أنه في الآونة الأخيرة انتشرت الشائعات بشكل مذهل عن طريق الهاتف النقال نظراً لكثرة مستخدميه وسرعة وصول الرسائل للمتلقي، وهذه الوسيلة
أفرزت خوفا وهلعاً لدى الناس وأصبحت لعبة سخيفة في أيدي العابثين والمستهترين الذين يروعون الناس ويزعجونهم دونما مراعاة لما تخلقه تلك الترهات من مآس وأمراض.
كما أن الاشتغال بنشر الشائعات أمر يتنافى مع فضائل الدين و آدابه ومع العادات والتقاليد الرصينة التي يؤمن ويجمع عليها المجتمع ويقول عليه الصلاة والسلام «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده».
وسوف نورد لكم نصاً لخبر غير صحيح أوردته إحدى الصحف لتجربة استطلاعية لشائعة محلية كيف تطورت بشكل مذهل وهو كالتالي:
«إندلع حريق في إحدى قاعات جامعة الإمام محمد بن سعود أدى إلى وفاة «3» طالبات، وإصابة «54» طالبة بجروح مختلفة، منهن «4» حالات خطيرة، وقد تمكن الدفاع المدني من مباشرة الحادث وإخماد الحريق في وقت قياسي لا يتجاوز «35 دقيقة».
لقد زادت أعداد الوفيات من 3 إلى أكثر من 50 وفاة، والإصابات من 54 إصابة إلى أكثر من 200 إصابة، والإصابات الخطيرة من 4 إصابات إلى أكثر من 65 إصابة.
وليتصور كل إنسان ذلك الخوف والهلع الذي أصاب أولياء أمور الطالبات وصديقاتهن من هذا التهويل لخبر بسيط تم نقله وإشاعته بطريقة خاطئة.
ولعلنا نوضح هنا أن على الجهات المسؤولة عندما تسمع عن تلك الشائعات أن تسرع إلى توضيح الحقيقة وتقدم المعلومات الواضحة
|