لكل إنسان طبيعة معينة، هكذا جبل الله البشر فجعل لكل منا صفاته الخاصة ومميزات تميزه عن غيره، والطبائع المختلفة منها الجميل الرائع الناصع البياض، ومنها القبيح السيئ الأسود الوجه، والسعيد هو من حظي بوجوه من النوع الأول وابتعد عن كل انماط النوع الثاني، وبهذا يمكن تصنيف الإنسان بحسب ذلك إلى رائع وإلى سيئ وبينهما درجات متفاوتة.
الوجه الأول يقترب بالإنسان من السعادة أو بالأحرى يأخذ به نحو الخير كل الخير، والوجه الآخر يقترب به من التعاسة أو بالأحرى نحو الشر كل الشر.من الصفات غير المحبذة للإنسان أو المكروهة، أو المنبوذة صفة الكبر والخيلاء، أو صفة السخرية والاهتزاء بكل شيء فهناك نوع من البشر يهزؤون من كل شيء، ومن كل الناس، بل ويجدونها متعة في مجالسهم الخاصة، أو العامة حينما يتحدثون عن الآخرين بهمز ولمز وأنه لا نظير لهم، وكأنهم كاملون مكملون غير ناقصين ولا منقوصين، ونسوا أو تناسوا أن سخريتهم بالناس قد يبتليهم المولى- عز وجل- بأنفسهم، أو أولادهم، أو ذريتهم، أو بهم جميعاً، وكما يقال إن الأوائل لم يتركوا للأواخر شيئاً حينما قالوا«الطنزة مدن باليد» والطنزة من التطنز وهي النبز بالألقاب والاستهزاء.وهؤلاء «المتطنزين» كما يذكرهم كبار السن يقولون إنهم الأنموذج الأكمل وكل من غيرهم ناقصون، لا يعجبهم عمل، ولا يسرون لشيء، وألسنتهم لا تقول إلا سخرية وهمزاً ولمزاً، يؤذون أنفسهم قبل أذية الآخرين، فكل إناء بما فيه ينضح، والإناء غير الصالح ثماره غير صالحة، ووعاء الشر لا ينضح إلا شراً.
إن هؤلاء البشر في تعاسة ما بعدها تعاسة، فالله سبحانه يكره كل الصفات السيئة، والله جميل يحب الجمال، والجمال أنواع وجمال النفس من أكرمها، والنفس الساخرة، «المتطنزة» نفس سيئة قبيحة.
إن أسباب «التطنز» عديدة منها ما يعود إلى جذور تربوية تتعلق بحياة الإنسان ككل، ومنها ما يعود إلى تأثيرات اجتماعية، ومنها ما يخضع لعوامل مرضية، وخصوصاً من الناحية النفسية، ومنها ما يتعلق بأساليب الحياة، إلى غير ذلك، والنتيجة تظهر على شكل مظهر غير لائق يظهر به الإنسان «المطناز» الذي لو دفن نفسه بالتراب لكان أشرف.
قال الله تعالى:{يّا أّيٍَهّا الذٌينّ آمّنٍوا لا يّسًخّرً قّوًمِ مٌَن قّوًمُ عّسّى" أّن يّكٍونٍوا خّيًرْا مٌَنًهٍمً وّلا نٌسّاءِ مٌَن نٌَسّاءُ عّسّى" أّن يّكٍنَّ خّيًرْا مٌَنًهٍنَّ}!! فربما يكون الآخرون أفضل من هذا «المتطنز» بمئات المرات ولكنه لا يدري، ولايرى وجه الحق والصواب، ويظن أنه المصيب الأوحد والكل مخطئون، ويظن أنه الأرفع وهم المنحطون، عجب والله!!
لابد لأي منا أنه رأى العديد من هؤلاء في أي مجتمع كان وعلى مختلف المستويات والطبقات، وهؤلاء كثير منهم من يحشر نفسه في المواقف الاجتماعية ليبرز نفسه على أنه الأوحد، والأقدر، والأميز، وما هم إلا أدعياء
|