يرجع استعمال العسل كعلاج في أمراض الفم الى أكثر من ألفي عام، فقد أشار الفيلسوف والطبيب اليوناني الشهير كلاندي غالن الى تعدد الخواص الدوائية للعسل وبين بشكل خاص فائدته العظيمة في معالجة التقرحات المختلفة في الأغشية المخاطية ومنها الفم.
وهناك وصفة تركيبية تستعمل لعلاج التهاب الفم والقلاع بشكل خاص تتألف من عسل النحل والبوراكس بالاضافة الى الغليسرين «كما جاءت في القاموس الطبي ستيدمان».
وأيضا أشار قاموس دورلاند الطبي الى استعمال العسل مساً في حالة القلاع.
كما أكد الدكتور سينغ من مستشفى أبحاث الشفاء الطبيعي في مدينة لوكناو بالهند ان دعك الأسنان بالعسل ممزوجاً مع مسحوق الفحم الطبي يؤدي بها الى أن تصبح أكثر بياضاً. وفي عام 1972م أشار الدكتور ل. فيدجيس الى استعمال العسل بنجاح في معالجة القرحات الفموية القلاعية وذلك من خلال بحث أجراه على مجموعة من المرضى عددهم 86 مريضا كان لدى 21 منهم التهاب فم قرحي الى جانب القلاع وقد قسم مجموعته كما يلي:
16 مريضاً عولجوا بالوسائل الطبية المعروفة دون العسل.
21 مريضاً عولجوا بالعسل مشتركاً مع الوسائل الطبية العادية.
49 مريضاً عولجوا بالعسل لوحده.
وقد طبق العسل موضعيا بمس الغشاء المخاطي للفم به مكان الاصابة لفترة خمس دقائق 3 الى 4 مرات يومياً.
ظهرت للدكتور فيد جيس التغيرات الحسنة في الغشاء الساتر لباطن الفم منذ اليوم التالي لتطبيق العسل، وقد قصرت تلك المعالجة أمد الاصابة الى حد بعيد وكانت النتائج تسمح له بأن يوصي باستعمال العسل على نطاق واسع لمعالجة المصابين بالتهابات الفم القرحية والقلاعية.
ولاشك ان الأمر المجمع عليه هو احتواء العسل على مواد مثبطة لنمو الجراثيم ومن الثابت ان هذه المادة المضادة للجراثيم هي من ضمن ما يصنعه النحل حيث لم يلاحظ وجود خواص تلك المادة في العسل الصناعي والمحضر من غير النحل وهذا من خلال التجربة التي أجراها الدكتور أيوريش مع البرفيسور نشادمنكو ومساعديه في مخابر قسم الجراثيم التابع لمعهد كييف الطبي ومن الجراثيم التي اختيرت للزرع كانت المكورات العقدية والعنقودية.
وقد أيد ذلك ريمي شوفان مدير محطة أبحاث النحل في وزارة الزراعة الفرنسية الذي أكد احتواء العسل الطبيعي على تلك المادة المضادة للجراثيم وأشار الى اختلاف نسبة تلك المادة في العسل حسب نوعه مما يرى ان عسل الزيزفون والأشجار المثمرة عموما يحتوي على نسبة عالية من هذه المادة تفوق في فعاليتها ما هي عليه في أنواع العسل الأخرى كعسل البرسيم مثلاً. ويمكن أن تتم معالجة التهاب الجيوب الفكية بالعسل وهذا ما سنتطرق له لاحقاً إن شاء الله.
د. بشار الخجا رئيس قسم الأسنان مستشفى المملكة/ العيادات الاستشارية
|