* أجرى اللقاء: خالد الدوس
* مبروك المتعب الشهير ب«الدبلي».. موهبة كروية برزت واشتهرت بالخارطة الهلالية مع نجوم الرعيل الأول الذين ساهموا بفاعلية في جلب أول بطولة ذهبية في تاريخ زعيم الأندية وتمثل ذلك في فوزه بكأس الملك لموسم عام 1381ه.
* وتبعاً لذلك ظل «الدبلي» صاحب القدم القوية والقذائف العنيفة يحمل القابا تاريخية.. فهو أول لاعب هلالي يهز شباك النادي الأهلي بجدة في لقاء التحدي الشهير الذي أعقب نهائي كأس 1381هـ.. كما يعد أيضاً أول لاعب يهز الشباك النصراوية في دوري المنطقة الوسطى عام 1384هـ..
* «الجزيرة» ومن منطلق تفاعلها مع نهائي كأس ولي العهد الذي يجمع اليوم فريقي الهلال والأهلي والذي سيحظى برعاية سامية استضافت نجم هلال الثمانينيات المشاغب مبروك الدبلي لينقل لنا أبرز الأحداث والمشاهدات التاريخية التي تمخضت عن لقاء التحدي الشهير قبل 42 عاماً. فتعالوا نستنطق ذاكرته عبر السطور التالية:
5هلاليون دعموا منتخب الوسطى
* يقول الدبلي في معرض حديثه ان مسابقتي كأس الملك وكأس ولي العهد اللتين انطلقتا في النصف الثاني من عقد السبعينيات الهجرية كانتا مقتصرتين فقط على أندية المنطقة الغربية بحكم اسبقيتها في التأسيس وفي أوائل الثمانينيات تم وضع تنظيم جديد لمسابقة كأس ولي العهد بحيث تلعب منتخبات المناطق الثلاث الرئيسية على هذه البطولة، وأتذكر جيدا انه تم اختيار خمسة لاعبين من فريق الهلال لتمثيل منتخب الرياض في تلك المسابقة وهم سلطان بن مناحي ومبارك العبدالكريم ومحمود زرد ورجب خميس وصالح امان رحمهما الله وقد استمرت هذه البطولة بنظامها الجديد موسمين ثم تحولت على مستوى الأندية عام 1387ه إذ أعيد تنظيمها واقامتها بالطائف تحت مسمى دورة كأس المصيف لمنتخبات المناطق بطريقة الذهاب والاياب واستمرت حتى عام 89 1390ه فأُعيدت مرة أخرى لتلعب الأندية على هذه الكأس.
هاتريك رجب خميس
* جاء حصول فريق الهلال على أول بطولة في تاريخه والمتمثلة في فوزه بكأس الملك لموسم عام 1381ه بعد تغلبه على فريق الوحدة المخضرم 3/2 سجلها نجمنا الراحل رجب خميس رحمه الله هاتريك، في ملعب الصايغ بالرياض جاء ليمنح فريقنا شهرة واسعة وسمعة كروية عالية على مستوى المملكة ولا سيما ان فوزنا بالكأس جاء على فريق كان يعد من أقوى فرق المنطقة الغربية آنذاك حيث كان يضم نجوماً بلغت شهرتهم الآفاق امثال عبدالرحمن الجعيد وحسن دوش وسليمان بصيري ولطفي وسعيد لبان وغيرهم.
برقية أهلاوية!
* عندما فاز فريق أهلي جدة بدوري جدة تقرر ان يلاقي بطل مكة «الوحدة» لتحديد بطل الغربية ولأسباب تخص الأهلاويين أنفسهم اعلنوا انسحابهم وازاء ذلك اعتبر فريق الوحدة فائزاً بالانسحاب وبذلك تأهلوا لنهائي الكأس عام 1381هـ وقابلوا الهلال الذي فاز بتلك المواجهة التاريخية.
طبعاً بعد احرازنا هذا اللقب بعث الأهلاويين برقية عاجلة لإدارة الهلال التي كان يرأسها آنذاك الشيخ عبدالرحمن بن سعيد «كساه الله ثوب الصحة والعافية» حيث طلبوا في برقيتهم بالموافقة على إقامة مباراة ودية مع الهلال وتكون في ملعب الصبان بجدة على أن يتكفلوا بمصاريف السكن والاعاشة والمواصلات لبعثة الفريق هناك.
أما سبب هذا الطلب فلان الأهلاويين كانوا يرون انهم أحق من الهلال بهذه الكأس بل كانوا يؤكدون لو لعبوا أمامه لما فاز الهلاليون غير ان انسحابهم أتاح الفرصة لهم بالفوز بهذا اللقب لذا كانوا حريصين على إقامة هذه المباراة لدرجة انهم تكفلوا بكل شيء.
موافقة هلالية
* لم تتردد الإدارة الهلالية في الرد على الطلب الأهلاوي واعلنت موافقتها.. رغم ظروف الفريق المتمثلة في ايقاف تمارينه أكثر من شهر فبعد نهائي كأس الملك الذي أقيم في يوم 20/8/1381هـ انقطعنا عن التدريبات حتى نهاية شهر رمضان لأن الأنشطة الرياضية في هذا الشهر المبارك تتوقف.. وبعد استلام ابو مساعد البرقية الأهلاوية اخبرنا انهم يرغبون في اقامة لقاء ودي مع الفريق وأكد ان فوزنا بهذه المباراة سيعزز من سمعة وشهرة الهلال على مستوى المملكة.. ولثقة شيخ الرياضيين بأبنائه اللاعبين أعلن موافقته.
التحدي الشهير
* غادرنا بالطائرة إلى المنطقة الغربية لخوض هذا التحدي الشهير حيث استقبلنا الأهلاويون واحتفوا بالبعثة كثيرا وعلى رأسهم رائد الرياضة السعودية الأول وباني الأمجاد الأهلاوية الأمير عبدالله الفيصل «أطال الله عمره»، حيث تكفل حفظه الله بالسكن والاعاشة والمواصلات، واتذكر جيدا اننا سكنا في فندق الحرمين بجدة يومين او ثلاثة ثم نزلنا في يوم 10/10/1381ه لملعب الصبان لملاقاة النادي الأهلي بطل دوري جدة في لقاء تاريخي اطلق عليه لقب «التحدي الشهير» وبعد وصولنا للملعب كان مكتظا بالجماهير الرياضية التي جاءت لمؤازرة الفريق الأهلاوي في الوقت الذي شهدت مدرجات الملعب وجود عدد كبير من جماهير الاتحاد التي جاءت لمشاهدة بطل الكأس عن قرب.. طبعاً أثناء عملية الاحماء بالملعب كانت ملامح الثقة المفرطة والشعور بالفوز مرسومة على وجوه لاعبي الفريق الأهلاوي..
ياسين صالح استقبل أول أهدافي
* دخلنا هذه المواجهة بعزيمة قوية وارادة صلبة بحثاً عن الفوز لكي نثبت للأهلاويين اننا جديرون بهذا اللقب ونخالف كلامهم عندما قللوا من انجازنا المستحق فدخلنا بتشكيلة مكونة من الحارس ناصر الموزان وصالح امان ومحمود زرد والكوش وحامد عباس ومهدي وسلطان بن مناحي ورجب خميس ومبارك العبدالكريم والدبلي وزين العابدين. وبالمقابل دخل الأهلي بتشكيلة مكونة من الحارس ياسين صالح وكعدور وحسن مجلجل والعدني والراجخان وكتلوج الصغير وغازي ناصر والوصلة وكلجة ولاعبين اثنين لا اذكرهما حاليا، المهم بدأت المباراة وسط تفوق أهلاوي في أول ثلث ساعة حيث فرضوا سيطرتهم المطلقة على ايقاع المباراة ساندهم في ذلك الضغط الجماهيري الكبير الذي سبب لنا ارتباكاً في البداية ومع مرور الوقت تمكنا من المحافظة على توازن الفريق واللعب بهدوء إلى ان أنهينا الشوط الأول بالتعادل السلبي.
* وفي الشوط الثاني نزلنا وسط اصرار على مسح الصورة المتواضعة التي قدمناها في الشوط الأول حيث نجح مدربنا الراحل حسن سلطان في التعامل مع المباراة بأسلوب تكتيكي يتناسب مع إمكانيات لاعبيه الذي وضح على البعض منهم تأثره جراء ضعف الجانب اللياقي وفي منتصف هذا الشوط ومن كرة مررها لي قائد الفريق ومهاجمه مبارك العبدالكريم الذي كان مراقبا من اثنين من مدافعي الأهلي فسددتها بعنف من مسافة 50 ياردة لتستقر في المقص العلوي على يسار الحارس الأهلاوي الكبير ياسين صالح كأول هدف هلالي تستقبله الشباك الأهلاوية في تاريخ الناديين.. واستطعنا المحافظة عليه إلى ان أعلن حكم المباراة التركي جزمي بشار انتهاء اللقاء بفوز هلالي مستحق.. اسكتنا به كل الألسنة التي حاولت تقليل حجم انجازنا الكبير الذي تحقق بكل جدارة واقتدار.
مشاكل جماهيرية!
* عقب نهاية لقاء التحدي الشهير بخسارة أهلاوية واجه لاعبوهم سخطاً جماهيريا حيث تعرضوا لأنواع السب والشتم والبعض حاول الاعتداء على لاعبيهم حتى انا لم أسلم من هذا البطش لأنني سلبت منهم الفوز فجأة!! وأتذكر ان الجماهير الاتحادية التي جاءت لمشاهدة بطل الكأس قامت بتشجيعنا ومؤازرتنا فكافأناهم بهذا الانتصار.
راقبوا مبارك وتركوني!!!
* في تلك المباراة كان دوري كمهاجم «جناح أيمن» صناعة الأهداف وتجهيز الكرات لمهاجمنا الكبير وهداف الفريق الشهير مبارك العبدالكريم الذي وقع تحت رقابة لصيقة من مدافعي الأهلي.. غير انه نجح في تهديد مرمى ياسين صالح بتصويبات عديدة تصدى لها ببراعة لكنه اخفق مع أول كرة سددتها بعنف من مسافة 50 ياردة مزقت الشباك الأهلوية.
هدف تاريخي!!
* بلا ريب يظل هدفي اليتيم الذي أحرزته في مرمى ياسين صالح الأجمل في حياتي الرياضية وذلك لعدة اعتبارات أهمها حلاوة الهدف الذي جاء إثر تصويبة قوية من مسافة بعيدة.. وثانيا كون هذا الهدف التاريخي الأول الذي يلج الشباك الأهلاوية من لاعب هلالي..
أنا وبدر كريم
* من المواقف الطريفة التي لا أنساها اتذكر بعد نهائي المباراة سألني معلق المباراة آنذاك الأستاذ بدر كريم عن قصة الهدف وكيف احرزته؟! فأجبته قائلاً: لعبت الكرة باص!! فرد علي مندهشا وهو يقول مزقت شباك الأهلي وأنت تقول لعبت الكرة باص!! فضحك بعض اللاعبين الذين كانوا بجواري أثناء هذا الحوار!
مكتسبات إيجابية
* بالتأكيد فوزنا على الأهلي حقق لنا العديد من المكتسبات ومنها تعزيز شهرة وسمعة الفريق على مستوى المملكة وخصوصا ان فوزنا هذا جاء على بطل دوري جدة الذي أقصى الاتحاد «أقوى الفرق وأشهرها آنذاك» وثانيا تحول نسبة 80% من جماهير الكرة بالمنطقة الوسطى لتشجيع الهلال واصبح ازاء ذلك لدينا قاعدة جماهيرية عريضة بالمنطقة.. وأخيراً كسبنا خبرة جيدة واحتكاكاً قوياً مع فرق الغربية فضلاً عن التعود على اللعب خارج أرضنا على اعتبار ان هذه المواجهة كانت الأولى التي نلعبها بعيداً عن جماهيرنا وأرضنا.
نجومية صالح أمان!
* تسألني عن أبرز اللاعبين في لقاء التحدي الشهير فأجيبك في الهلال برز المدافع العملاق صالح أمان رحمه الله وشكل بمفرده خط دفاع بأكمله كما تألق قائدنا في تلك المباراة مبارك العبدالكريم الذي أزعج مدافعي الأهلي بتحركاته وانطلاقاته معتمدا على قوته البدنية رغم الرقابة اللصيقة التي فرضت عليه وبالمقابل ظهر حارس الأهلي ياسين صالح الأبرز حيث أبدع وأنقذ فريقه من عدة كرات خطرة سددها مبارك العبدالكريم ونجح في التصدي لها بكل براعة.
الأهلاويون هددوني!!
* من أصعب اللحظات التي عشتها داخل المباراة اتذكر بعد احرازي هدف السبق لصالح الهلال تحولت أنظار مدافعي الأهلي باتجاهي فتركوا مبارك وتفرغوا لمراقبتي حيث تعرضت لكثير من التهديد والضرب والحقيقة كنت أخشى الاحتكاك معهم خوفا من حدوث إصابة تعيق مشاركتي مستقبلاً فلعبت آخر 15 دقيقة بخوف وحذر شديدين والحمد لله نفذت بجلدي من الخشونة الأهلاوية ولكن لم اسلم من بطش جماهيرهم الساخرة والطريفة على «الدبلي» فدفعت ثمن نجوميتي بتلك الألفاظ الجماهيرية.
لفتة رائعة
* من الأشياء الجميلة في حياتي الرياضية أتذكر حين توجهنا للفندق بعد نهاية المباراة زارنا الأمير عبدالله الفيصل حفظه الله في الفندق الذي تكفل بمصاريف الاقامة به وقال مازحا انت يا الدبلي ومبارك العبدالكريم اقوى ما فيكم «رجليكم» قالها مبتسما في لفتة رائعة تنم عن تواضعه حفظه الله وطيبته المتناهية.
فخر واعتزاز
* ينتابني شعور بالفخر والاعتزاز كوني أحد لاعبي الهلال الذين ساهموا وبصورة متواضعة في فوزه بأول بطولة في تاريخه «كأس الملك عام 1381هـ» وما صاحبه من ردود فعل متباينة حول التشكيك في احقيتنا هذا اللقب.. غير ان فوزنا في لقاء التحدي الشهير وفي ملعب الصبان أكد جدارتنا وأحقيتنا المطلقة بالكأس الغالية وهذا يكفي..!
كلجة أخطرهم
* مهاجم الأهلي إبراهيم العشماوي الشهير ب«كلجة» لاعب سريع الحركة يعتمد على المراوغة والقوة البدنية وهو بالمناسبة من أبرز مهاجمي الكرة بالمنطقة الغربية.. وقد يكون حظه انه لعب أمام صالح امان المدافع الصلب واختفى تحت مظلته..!
40 ريالاً مكافأة شهرية
* لا أنسى أدوار وأفضال الشيخ عبدالرحمن بن سعيد فيما وصل إليه النادي في تلك الحقبة، فقد دعمه وضحى بجهده وماله ووقته من أجله، وفي الواقع انا أحد اللاعبين الذين حظوا بدعم قوي من أبو مساعد فقد كان يخصص مكافأة شهرية لي «40 ريالاً» من أجل المواصلات نظرا لبعد منزلي بحي الناصرية عن مقر النادي بالظهيرة فقد كنت أسير أحيانا على قدمي في عز الظهر في صورة تجسد حرصنا واهتمامنا بالانضباطية.
لقاء اليوم أعادني للوراء 42 عاماً
* مباراة اليوم التي تجمع الشقيقين الهلال والأهلي بلا شك تعيدنا بالذاكرة للوراء 42 عاما ولا يوجد فريق خاسر في هذا اللقاء لأن الكل سيكسب المثول بين يدي سمو سيدي ولي العهد والتشرف بالسلام عليه وهذا المكسب الحقيقي للفريقين.وكل ما أتمناه من أبنائنا اللاعبين سواء الهلاليين أو الأهلاويين ان يتعاملوا مع هذه المباراة بهدوء وعقلانية وان يبتعدوا عن الشد العصبي والشحن النفسي الزائد الذي يؤثر على سلوك اللاعب سلبيا داخل أرض الملعب وأتمنى أيضاً ان تخرج هذه المواجهة التاريخية بصورة نظيفة تعكس تقدم كرتنا من الناحية الفنية والأخلاقية.
|