معركة أخرى في الحرب الإعلامية

بدأت هذه الحرب قسرية ضد إرادة المجتمع الدولي، وهي تظل بصفتها القسرية هذه مع دخولها أسبوعها الرابع حيث تم استهلاله بهجمات شرسة على الإعلام الدولي وقتلت الصواريخ الأمريكية أمس اثنين من الصحفيين وجرحت أربعة آخرين. ومن الواضح أن القصف الذي حدث ضد المكاتب التلفزيونية والصحفية في بغداد لم يكن عشوائياً وإنما كان مقصوداً، فإن هذه المكاتب تلقت دفعتين من القصف.. وفي عهد القرية الكونية استكثر البعض على وسائل الإعلام أن تناقض الأكاذيب التي تخرج من جنرالات الحرب، ولهذا فلم يجد هؤلاء الجنرالات أمامهم سوى الأساليب العسكرية للتعامل مع الذين يحاولون إبراز الحقائق أو دحض الأكاذيب.. لقد تميزت هذه الحرب بقدر كبير من أساليب الدعاية النفسية التي تعتمد على الإعلام وكم رأينا مدناً تسقط على شاشات التلفزيون لكنها في الواقع لم تكن كذلك وإنما أراد لها بعض الإعلام أن تكون كذلك.. وللأسف فإن الذين يفضحون الأكاذيب تصلهم الرسائل عبر الصواريخ، طالما أنهم لا يلتزمون بقواعد اللعبة، وطالما أن الصواريخ ضمن الأدوات المتاحة للتعامل مع الأهداف العسكرية وغير العسكرية. إن التساؤلات سترتفع عن دوافع الجهة التي نفذت هذا القصف ضد المكاتب الإعلامية الصحفية الدولية، وما إذا كانت تحاول إخفاء ما تقوم به او تهيئ المساحة لما ستقوم به أو لمجرد إسكات هذه الوسائل الإعلامية عن نقل الحقائق. وستظل الشكوك عالقة بالاذهان وستضاف الى تلك التي برزت مع شن هذه الحرب وخصوصاً أنه كانت هناك فرصة مواتية لتجنب القتال من الأساس بينما كان هناك إصرار على الحرب، وإصرار على إسكات مَن يحاول الاعتراض عليها أو فضح دمويتها وتكلفتها الباهظة وخسائرها الفادحة وعبثيتها وتطاولها على الفكر الإنساني النبيل الذي يمجد السلام وينبذ العنف.