والرجال قليل، كما أن الشاكرين قليل.. وتظل الأمة المسلمة بخير، مهما قل الأخيار فيها، ذلك أنهم يساوون الكثير، بالقياس إلى ما سواهم من خلق الله، الذين لا يتميزون بخصال حميدة وكريمة.. والدنيا إذا خلت من الجماليات، وفي مقدمتها المثل والقيم، أصبحت جحيما لايطاق.. ومن فضل الله على خلقه، أن هداهم إلى أقوم السبل بالفطرة، فنحن نجد في أمتنا قبل إسلامها مكارم للأخلاق، وحين منّ عليها خالقها بالهداية، أصبحت- خير أمة-، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتؤمن بالله.. كل ذلك قيم ومثل، فلله الحمد على منّه وفضله.!
* وفقدت جدة في الشهر الفارط رجلاً عزيزاً، طيب النفس والخلق، رجلاً مهذباً لطيف المعشر، من القليل، كان معلماً في الفلاح، على نمط، تميز خريجي الفلاحين، ومدرسة العلوم الشرعية في المدينة المنورة، فالفلاحان، شارف على مضي قرن من الزمن، منذ إنشائهما، في مكة وجدة، والعلوم الشرعية نحو ثمانية عقود، تخرج في هذه المدارس الثلاث رجال، كانوا في الصدارة، في الأعمال التي مارسوها يومئذ، فقد كان لهم مدرسون قدوة، وإدارات مدرسية، تؤدي رسالة، وليس مجرد وظيفة من الوظائف، وإني أردد أن :«التعليم رسالة».
* عبر خمسة عقود، عرفت الشيخ- عبدالقادر عطية- رحمه الله.. عرفته- مأذوناً شرعياً- وعرفته يغشى المآتم، يرتل آيات من الكتاب العزيز، وعرفته في المناسبات المختلفة، رجلاً سمحاً، بشوشاً، محباً، ذا خلق سجيح، وأدب نفس، يعرفه الكثير، ويحبه الكثيرون، رجل بسيط في مظهره وتعامله، ذو سمت يقربه من الناس، يألف ويؤلف.. وهذه هي الخصال السمحة المحببة، والتواضع سمة النفوس الكبار، كما أن الكبر مرض ونقص في النفوس، ينفر منها الأسوياء.. والكبرياء في السموات والأرض لله وحده جل جلاله.
* وكان الشيخ عبدالقادر عطية رحمه الله، بعمامته الحجازية، وعلاقاته بالناس، علاقة ود ووفاء وسماحة.. وكان رجلاً مرحاً، يمازح بأدب الملتزم، وهو رمز من رموز جدة، خلال ستة عقود..!
* وكان يسعى إليه بعض راغبي الزواج من المواطنين، ممن يريد أن يثني، أو المطلق، والمتوفى زوجه، ليدله الشيخ عطية على الخير ويعينه عليه، وكان يلم ببعض الثكالى والمطلقات من بنات الناس، اللاتي يردن أزواجاً.. وهذا عمل إنساني يؤديه الشيخ عطية، وهو سعيد بذلك، حفي بمن يسعى إليه، لأعمال الخير والبر والمعروف.!
* وللشيخ عبدالقادر عطية، أبناء على خلق وأدب نفس، منهم من يمارس وظيفة الأب، بالسمات الوادعة، التي يريدها الناس.. وصدقت يا خير خلق الله صلى الله عليه وسلم، وأنت القائل: «إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم الخلق الحسن».. وصاحب الخلق الكامل عليه صلاة الله وسلامه، أثنى عليه ربه بقوله:{وّإنَّكّ لّعّلّى" خٍلٍقُ عّظٌيمُ}.
* رحم الله الفقيد العزيز الشيخ عبدالقادر عطية ورطب ثراه، وبارك في خلفه، وجعلهم خير خلف لخير سلف.
{إنَّا لٌلَّهٌ وانا اليه راجعون {
|