Wednesday 9th april,2003 11150العدد الاربعاء 7 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

قال الراوي..! قال الراوي..!
إبراهيم عبدالرحمن التركي

-1-
** كتب «رسول حمزاتوف» في كتابه الأشهر «داغستان بلدي»:
* «عرف ثلاثة صيادين بوجود ذئب يختبئُ في الوادي غير بعيد عن القرية.. فقرروا قتله»...
* وحين طورد الذئب اندسّ في مغارة لينجو بنفسه من الصيادين،.. لم يكن للمغارة إلا مدخل واحد.. وكان هذا المدخل ضيقاً جداً لا ينفذ منه إلا الرأس وحده..
* اختبأ الصيادون وراء صخرة وصوّبوا بنادقهم إلى مدخل المغارة.. وأخذوا ينتظرون خروج الذئب.. لكنه لم يكن غبياً.. فقد ظل قابعاً بكل هدوء داخلها.. وهذا يعني أن الخاسر سيكون ذلك الذي سيمل الهدوء والانتظار قبل غيره..
* أدرك الملل أحد الصيادين فقرر أن يندس بأي شكل في المغارة ويطرد الذئب منها.. فاقترب من المغارة، ووضع رأسه فيها..
* ظل الصيادان الآخران فترة يراقبان مستغربين:
* لماذا لا يُحاول التقدم.. أو على الأقل سحب رأسه.. وأخيراً ملاّ الانتظار فاقتربا منه وهزّاه فإذا هو دون رأس..
وأخذا يحزران..
* هل كان لزميلهما الصيّاد رأس قبل أن يندس في المغارة.. أم لا..؟
* قال أحدهما.. كان لديه رأس..
* وقال الثاني: إنه لم يكن له رأس على ما يبدو..
حمل الصيادان الجسم دون رأس إلى القرية.. وأخبرا أهلها بما جرى..
قال أحد الشيوخ:
* نظراً لأن الصياد اندس في المغارة قاصداً الذئب فإنه لم يكن له رأس منذ أمد طويل، وربما منذ ولادته..
وانطلقوا إلى زوجته يستوضحون الأمر فردت عليهم..
* من أين لي أن أعرف إن كان لزوجي رأس.. كل ما أذكره هو أنه كان يوصي كل سنة بشراءِ قبعة جديدة..!
-2-
** تناقل كثيرون هذه الحكاية التي لا تحتاجُ إلى «تحليل».. فقد انتصر «الذئب» القابع على «الصيّاد» الطامع ليمثل «صبرُه» بُعداً «إستراتيجياً» مهمّاً في معادلة «النصر».. و«حصار بغداد» نموذجٌ قد يتحول إلى حكايةٍ جديدة نبحث فيها عن «رأس القاتل»..!
** سيرجمون «بالغيب».. ويستترون «بالعيب».. ويقولون..
** لقد كان ذا «رأس» و«بأس» مَلَك بهما بعضَ «العتاد» و«الاعتداد» و«العناد».. فركب «رأسه»، وباع «بأسه»، ونسي «ناسه»، وارتحل «مسروراً» بإمكاناته، «مغروراً» بمكانته..!
** قال «الراوي»..
* وهكذا.. فقد «ذهبت النعامةُ تطلب قرنين.. فعادت بلا أذنين..»..!
** وعلّق «الشارح» في الحاشية:
** ولا يزال البحث جارياً عن رؤوسٍ أخرى لم تستوعب الدرس القديم..!
-3-
** عاش بعضُنا في الولايات المتحدة زمناً رغداً.. وفي الدنيا «القُلَّب» «لا يدوم على حال لها شأنُ».. واقتنع أكثرُنا أن مسافات «الحلم» و«الثروة» و«الحرية» هي «كوابيس».. و«نهب».. و«استعباد»..!
* كان وهماً ما حسبناه هوى.. وأدركنا بعد أُمّةٍ أن لسنا وحدنا «المخدوعين» بتزييف «الشعارات» والمتاجرة «بالمشاعر»..!
** هرب العربيُّ من «ذاتِه» إلى «ملذّاته».. ووجدها - ذات غياب - في كهوف «الذئاب».. فأسلم رأسه واستسلم..!
** وذات إفاقةٍ صحا.. فإذا «هُويته» هواء.. و«متعته» هباء.. و«رأسه» مُلقىً في الزوايا «المعتمة»..!
** قال الراوي..
* وسعى ليستردّ رأسه.. ويلملم «نفسه.. ويتجاوز «نُكْسه» و«بُؤْسه».. فسمع الجواهري:


ومثقفون ثناهُمُ عن شعبهم
بيعٌ يُدِرُّ عليهم وشراءُ
أعمتْهم عن كل قصدٍ شهوةٌ
ولقد تحِسُّ طريقها عمياءُ
زوت الشباب عن البلاء مطامع
مجذومة، ومنافع خساءُ
حتى من الألم الحبيس تصوحتْ
جنباتُهم.. وتعرّت السيماءُ
واستسلم الشعراءُ إلا عصبةً
تُسقى الحميمَ، وأخلد الأدباء
واستأثر الفنان يرسم بطةً
حسناء تمسحُ ريشها حسناءُ

** وعلّق الشارح في الحاشية:
* هذا ما قاله «أبو الفرات» قبل أن يرى «التتار» تحكم «الحصار»، وتسرح وتمرح في الفيافي والقفار..!
-4-
** دعونا نحلم بانتهاء أزمة الكهف.. والخروج برءوسنا فوق أكتافنا..
** فهل نحلم بأن نعلم أن ليس بالولايات المتحدة وحدها يحيا الإنسان..؟
** وهل نحلم بأن نعلم أن «العدو» لا يتحول إلى صديق.. وأن «العتمة» لا تخلو من بريق..؟
** وهل نحلم بأن نعلم أن في «الأمة» «مقدراتٍ» تفي.. وتكفي.. وتشفي.. دون «ارتماء.. أو «انكفاء»..
** وهل نحلم بأن نصافح من يستحق.. ونصفع مَنْ «يسترقّ».. فنعيش ونتعايش.. دون أن نسام أو نُضام..!
** وهل نحلم بأن نعلم أن الحياة قيمة ترفض غذاء «الأنعام».. ووأد «الأفهام».. وتهويمات «النيام»..!
قال الراوي:
* حلم الليل يمحوه النهار..! وكهفُ الذئب مؤشِّر العثار..!
** وعلق الشارح:
* الكهفُ مولج ومخرج..!

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved