Tuesday 8th april,2003 11149العدد الثلاثاء 6 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

مقالات الكثير من التساؤلات مقالات الكثير من التساؤلات
خوان غويتسولو ( * )

الآن اقترب اكتمال تنفيذ سيناريو الحرب على العراق الذي خطط له بوش ومستشاروه انطلاقا من هجوم 11 سبتمبر المروع وتحقيق غاياته النهائية المنشودة في تأكيد الولايات المتحدة لوضعها كقوة عظمى وحيدة على ظهر كوكبنا وهدفها الواضح في قيادة العالم وإحكام مؤسستها العسكرية الصناعية سيطرتها على نفط العراق وإخراج آزنارلأسبانيا من الزاوية التي انحصرت فيها ووضعها بين الكبار على الأرض واستنفارضحايا طغيان صدام للأعلام الأمريكية أمام الكاميرات واحتفاظ الرئيس الأمريكي إلى الآن بشعبيته حيث أعاد لمواطنيه الانتماء الوطني والكبرياء اللذين جرحهما قابليتهما للاختراق من قبل الإرهاب ولا أحتاج هنا إلى الخوض في تفاصيل أكثر حول خطط ومناورات بوش خلال الأشهرالأخيرة التي سبقت المرحلة العسكرية.
ولن أتوقف أيضا عن فحص التحولات المتتابعة للهدف الذي اثبته وهو إظهار ارتباط صدام حسين بالقاعدة وتدمير الترسانة العراقية لأسلحة الدمار الشامل والقضاء على نظام الطاغية في بغداد.
ووضع نظام ديمقراطي تحت قيادة أمريكية كل ذلك دون الأخذ في الاعتبار تقارير المفتشين ولا قبول العراق للشروط التي وضعتها الأمم المتحدة ولا شن الحرب برغم رفض أغلبية أعضاء مجلس الأمن الروابط والفواصل بين 1991 و2003 مرئية للجميع والاصرار على الحديث عنها غير مجد ألا أن هناك بعض النقاط التي يجب الحديث عنها في هذا الصدد: - نداءات بوش الأب بإسقاط صدام حسين في الساعات النهائية لعاصفة الصحراء توجهت كما نعلم إلى النخبة السياسية العسكرية في بغداد وليس إلى الشعب العراقي الذي حبس رغما عنه في حربين قاتلتين بسبب جنون العظمة والأخطاءالجسيمة في حسابات الديكتاتور الذي يحكمه كما أن المستقبل السياسي لكل من الشيعة في الجنوب الشرقي للعراق والأكراد في الشمال لم يدخل في ذلك الأوان ضمن الرؤية الاستراتيجية للبيت الأبيض بخصوص المنطقة.
ويثير الحرب تساؤلات أكثر مما يعطي إجابات فهدم بلد ليس هو أفضل طريقة لوهبه نظاما ديمقراطيا وطبقا للمنطق الاستعماري فلكي تعيد الإعمار لابد أن تدمر ولا يشك أحد في أن الشركات الأمريكية المقربة للإدارة الأمريكية ستحصل على نصيب الأسد على الرغم من ذلك فإن العراق ليس بلدا بائسا أو هامشيا مثل أفغانستان.
لكن الأمثلة التي تقال عن ألمانيا أو اليابان تظل مختلفة جدا ولا يمكن تطبيقها بصورة ميكانيكية على الشرق الأوسط القابل للاشتعال والمليء بالمجاهيل حول مستقبل حكوماته وشعوبه.
- الشيء الوحيد الذي أثبتته الحرب الأخيرة هو التفوق التقني والعسكري والاقتصادي الساحق للولايات المتحدة على ديكتاتور من العالم الثالث ولا تخفي الاشارة كقول الاستراتيجيين والاختصاصيين الغربيين إلى أن عملية «الحرية للعراق» كانت فرصة مثالية لتجريب تلك التكنولوجيا الجديدة والتكتيكات الخاصة بإبادةالعدو التي تبتكرها المؤسسة العسكرية الصناعية الأمريكية منذ عام 1991.
إن الصدمة والرعب في الحرب الحالية لم يكونا موجهين للنظام العراقي الظالم فقط : فقد كانت فوق كل شيء تحذيرا للعالم بأسره بأننا دخلنا في نظام عالمي جديد وبأن الهيمنة الأمريكية غير القابلة للنقاش تتبنى قيمة مشكوك فيها للغاية حول العالمية.
لقد خطونا في الفترة من 1991 إلى 2003م خطوات كثيرة في طريق التدمير الذاتي وعدم الاستقرار المستقبلي المتنامي في كوكبنا وسوف تشعل الحرب الجديدة بكل تأكيد رغبة الانتقام لدى الكثيرين من كل حدب ولن ينج أي بلد من الهجمات القاتلةبسبب قوة تلك الرغبة هل رأى السيد آزنار رئيس الحكومة الاسبانية الصورالتي مازالت تمر عبر مرشحات الرقابة العسكرية الأمريكية والتي تعرض قنابل تسقط على بغداد وتبين الوجوه المرتعبة للمقصوفين بها؟
شعرت وأنا اشاهد تلك الصور بشعور يشبه التأمل في فأر عالق في مصيدة قاتلة أو ما يشبه حلبة مصارعة ثيران حين يوجه مصارع الثيران الرماح المسننة والسهام والسيوف التي تغرس في الثور بأناقة ونظافة وسط تصفيق المشاهدين تلك كانت مشاعري وهي أقل اقل من «الصدمة والرعب» التي تبعث على الاشمئزاز كلما جلست أمام شاشات التلفاز فلم يكن صدام حسين وحاشيته هما الفأر والثور كما في المثال السابق بل كان الشعب العراقي المنهك الجائع منذ 12 عاما هي عمر الحصار والذي يرزح تحت رحى الحرب منذ 22 عاما.

(*) روائي وأديب إسباني
«الباييس» الإسبانية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved