حروب الإعلام

في كل حرب هناك حيز كبير وميدان واسع للحرب النفسية التي تنطلق قذائفها عبر الوسائط الاعلامية، وتزامنت الحرب الدائرة الآن في العراق مع تحوُّل العالم إلى قرية صغيرة بفعل التأثير الهائل لأجهزة الاعلام ومن ثم فقد بات للإعلام الكلمة العليا.
وقد رأينا خلال متابعة الفصول الدامية للصراع كيف أن مدناً تسقط على شاشات التلفزة لكنها في واقع الأمر تعيش حياتها المعتادة ولم تدخلها أي قوات، كما سمعنا عن اختفاء شخصيات أو قتلها لكنها سرعان ما تظهر بعد ساعات أو في اليوم التالي..
ومع ذلك فلا يزال الناس يتعلقون بأجهزة الاعلام لأنهم لايعرفون وسيلة أخرى تتيح لهم المتابعة.
وتعرف كل الاطراف التأثيرات الطاغية للصورة سواء كانت حقيقية أم كاذبة، ولهذا يجري التركيز عليها وخاصة تلك الصور النادرة أو المؤثرة.
وإذا كانت هذه الحرب مرفوضة من قِبل الغالبية العظمى من دول وشعوب العالم، فإن أجهزة الاعلام تستطيع أن تتجاوب مع هذا الرفض وتستغل إمكانياتها ووجودها في ساحة الحرب وتأثيراتها على المشاهدين وعلى الرأي العام الدولي لكي تضم جهودها إلى جهود الأخرين الذين يعملون على وقف هذا الجنون الذي يستمر منذ ثلاثة أسابيع في حصد الأرواح البشرية وتيتيم الأطفال وترويع الجموع البشرية ليس في العراق فقط، بل في جميع أنحاء العالم.
إن الاعلام الدولي مطالبٌ بأن ينحاز إلى رأي الاغلبية في العالم وأن يقترب من صوت العقل من خلال العمل على وقف سفك الدماء وإيجاد مخرج لهذا النزاع الذي تتسارع معدلات انتشاره على ارض العراق بينما يهدد كامل دول المنطقة بالدمار والخراب.
والمشكلة في هذه الحرب، بل وفي كل حرب، أن الذين يفجرونها لا يتورعون عن استخدام كل ما في أيديهم من أسلحة غير عائبين بما يمكن أن تخلفه أسلحة الدمار الشامل من خسائر كبرى ومذابح شنيعة.
يستطيع الاعلام أن يثبت شخصيته المستقلة كمدافع عن السلام بدلاً من أن يتم استغلاله طوال الوقت في بث الأكاذيب والشائعات وتلقيم آلة الحرب بسيل من التُرَّهات والأكاذيب التي تزيد من اشتعالها.