وصلتني عدد من الرسائل الغاضبة «الزاعقة» عبر بريدي الالكتروني، وهي مستاءة من بعض مقالاتي التي تنشر في هذه الزاوية، بسبب رفضي أن أنضم لجوقة الزعيق والتشنج الدائر في العالم العربي، ورفضي تنصيب «الجزار» صدام بطلاً عروبياً خالداً.
وفي هذا الوقت الذي تتباطأ فيه العقلانية وتستبدل بالانفعال المتشنج تصبح التهم جاهزة وسهلة ومن الممكن أن توزع هنا وهناك بكل سهولة ويسر.
وكما هو معروف الرأي العام الشعبي أو ما اتفق السياسيون على تسميته بالشارع العربي ليس هناك مقياس ثابت وقطعي يتحكم به، فالخط البياني الذي يتحرك من خلاله سريع الانحدار والصعود ويغلب عليه الانفعالية واللحوظية.
تلك العاطفية التي جعلتنا ننسى من هو بالضبط صدام حسين ونعيد رفع الصورة في المظاهرات.
العراق ليست بصدام حسين وصدام حسين ليس العراق، العراق بامتداد تاريخه الذي يتجذر بعيداً عن الحضارة الإنسانية، من الظلم الفادح أن نختصر هذا التاريخ الوافر العظيم في شخص هذا الإنسان المأفوف فقط لأنه يقف ضد أمريكا، على الرغم من أنه قاد المنطقة إلى مهاوي سحيقة.
هناك دعاء في صلاة القنوت كثيراً ما أتوقف عنده وترتجف له أطرافي وهو «ربنا لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخشاك فينا» وحين نصل أقصى مراحل الغضب واللوعة والحزن على أهلنا في العراق، نعيد الزعيق بنفس اللغة التي تستولد عيوبنا وعوراتنا ومناطق الفساد والتخلف لدينا، ولا نتوقف ونسأل لما سلط الله سبحانه وتعالى علينا من لا يخشاه فينا؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وكما أن العراق ليس بصدام حسين فأيضاً أمريكا ليست «بوش» وطغمته مجرمي آلة الحرب وعصابة اليمين المتصهين بقيادة بوش ورامسفيلد وتشيني، ولا ننسى طيب الذكر «ريتشارد بيرل» لا يمثلون الشعب الأمريكي البسيط الرافض للعنف والحروب وابنة تشيني نفسها في طريقها لتتحول درعاً بشرياً في العراق.
أنا أفهم بأن يكون الكاتب صدى لمحيطه ومعبراً لأحزانه وانفعالاته ولكن في نفس الوقت لا يجب أن يأخذ الكاتب نفسه بالمد العارم للرأي العام الذي يغلب عليه الانفعال الوقتي.
الدم العربي الحار الذي أصبح لقمتنا، وينسج أحلامنا يجب ألا يجعلنا ندفع فواتير ليست لنا ولم تصمم لحريقنا.
|