|
|
تعتبر الديموقراطية الأمريكية والغربية نقطة جذب فكرية ومنهجية للكثير من مواطني الدول الأخرى خاصة الدول التي يحلو للعالم المتحضر تسميتها بالدول المتخلفة أو الدول الأقل نمواً. وعلى الرغم من سماوية بعض المناهج السياسية في بعض الدول، إلا ان المتغنين بالديموقراطية الغربية ضلوا بلا منازع على الساحة الفكرية نتيجة لعدم فاعلية الأصوات المضادة ونتيجة لبعض الخلل في تطبيق المناهج الفكرية والسياسية المنافسة لمنهج الديموقراطية الغربية. إلا ان الأحداث الحالية التي تعيشها منطقة الخليج العربية جاءت لتكشف للعالم هشاشة النظام الديموقراطي الغربي الذي فشل في اجتياز أول امتحان حقيقي على أرض الواقع وعجز عن مواجهة الأزمة الأولى في حياته التطبيقية. والأدهى من ذلك أنه تخلى عن كل مبادىء الشرعية الدولية والمبادىء الانسانية التي كان في السابق ينادي بها ويحارب من أجل فرضها على بقية شعوب العالم خاصة بعد ان شعر بأن مواجهة الأزمة يتطلب وحدة الموقف الداخلي بغض النظر عن خصوصية الرأي الشخصي وبغض النظر عن درجة التناغم بين الأفعال والأقوال. فهذا هو الموقف الأمريكي الذي كن في السابق نعتقد بأنه يملك قدرا كبيرا من الحرية يتخلى عن رسالته تجاه الديموقراطية من أجل دعم الموقف السياسي للحكومة المركزية ومن أجل تبني الفكر العسكري الذي يبني مكوناته القادة الميدانيون الذين لا هم لهم سوى تحقيق النصر الميداني بغض النظر عن تداعياته على الاطار العام للديموقراطية والشرعية الدولية. والأشد من ذلك ان هذا الموقف قد رفض كل ما يتعارض مع منطلقاته ورفض كل من يحاول تحليل الأزمة بموضوعية ومنطقية متخلياً بذلك عن مبدأ حرية ابداء الرأي الذي كنا نظن أنه مبدأ متأصل لا يمكن التنازل عنه. لقد سقطت الديموقراطية عندما سلبت الدول الأعضاء في المنظمات الدولية حقها في ابداء الرأي عندما يكون الرأي مخالفا لموقف الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها بريطانيا مما فرغ تلك المنظمات من محتواها الدولي وساقها كرها الى الوقوف بجانب العدوان ضد المبادىء الانسانية والقوانين الدولية. لقد اغتيلت الديموقراطية عندما سكت العالم المتحضر عن قول كلمة حق تجاه غطرسة القوي الذي عزم على تغيير النظام العراقي بقوة النار والسلاح سالباً بذلك حق الشعب العراقي في اختيار قيادته ونظامه السياسي. فعلى الرغم من قناعة معظم المهتمين بشناعة أعمال النظام العراقي، إلا ان هذا لا يسمح ولا يبرر للغزاة قتلهم للأبرياء وتدميرهم للممتلكات كثمن لرأس النظام العراقي وكغطاء سياسي لتحقيق مآربهم الاقتصادية التي باتت أوضح من الشمس في رابعة النهار. لقد سقطت الديموقراطية عندما أصبح الخصم هو الحكم وعندما أصبح في عرف الديموقراطية من يدافع عن أرضه وعرضه ووطنه ارهابيا ومجرما تجب محاكمته عسكرياً. لقد وئدت الديموقراطية عندما صار العالم المتحضر يؤمن بجدوى معسكرات التعذيب التي لا تخضع لمبادىء الانسانية ولا تحكمها القوانين الدولية. نعم لقد سقطت الديموقراطية في كل مكان ورفست الشرعية الدولية في كل محفل وقتلت المبادىء الانسانية في كل موطن ولكن المهم هو هل استطاع العالم العربي والمسلم أن يكتشف ذلك؟ وهل أعددنا العدة لمواجهة تقلب المبادىء لدى العالم المتحضر؟ نتمنى ذلك؟. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |