* واشنطن - القاهرة - أ.ش.أ:
رغم التقارير الواردة من البنتاجون بشأن تشكيل حكومة بقيادة جنرال عسكري أمريكي لادارة شئون العراق بعد الاطاحة بنظام الرئيس صدام حسين تدور خلافات خفية داخل المؤسسات التشريعية الأمريكية بشأن منح البنتاجون دورا كبيرا في ادارة شئون العراق واعادة اعمار تلك الدولة التي انهكتها الحروب.
ويشير محللون استراتيجيون امريكيون مثل دان مورجان الى أن عددا كبيرا من أعضاء الكونجرس يرفضون هيمنة البنتاجون على الحكومة المناط بها ادارة شئون العراق في حالة دخول القوات الانجلوأمريكية بغداد.
وقالوا ان الجدل الخفي داخل الاوساط التشريعية الأمريكية تزايد في أعقاب التقارير التي ذكرت أن الرئيس الأمريكي جورج بوش وافق على تولي البنتاجون «بصفة مبدئية» مهام توصيل وتوزيع المعونات واعادة بناء العراق في مرحلة مابعد الحرب مشيرين الى ان الخطة أثارت عدم رضاء عدد كبير من الأعضاء المنتمين للحزبين الجمهوري والديمقراطي بالكونجرس اضافة الى حكومات الدول الحليفة للولايات المتحدة.
وترى المحللة الاستراتيجية كارين دي يونج ان الادارة الأمريكية لم تحدد مهام الحكومة المؤقتة التي سوف تتولى زمام الأمور بالعراق في حالة الاطاحة بالرئيس صدام حسين وكيفيه اختيار اعضائها مشيرة الى ان عددا من الخبراء الاستراتيجيين نصحوا الادارة الأمريكية بالاحجام عن الاعلان عن تلك الحكومة قبل الاطاحة بالرئيس العراقي ومعاونيه.
وقال المحلل الاستراتيجي دان مورجان ان ادارة الرئيس بوش ينبغي عليها ان تقيِّم مدى الشرعية التي سوف تتمتع بها الحكومة التي ستتولى زمام الحكم في مرحلة ما بعد صدام حسين سواء في داخل العراق أو خارجها.
ومن جانبها أكدت الادارة الأمريكية حرصها على اشراك أطراف دولية عديدة في مرحلة اعمار العراق وتشكيل حكومة لا تقتصر على العسكريين فقط في محاولة لاعادة الاستقرار في تلك الدولة.
إلا ان الأيام القليلة الماضية شهدت ضغوطا متزايدة من جانب بعض الأطراف كالبنتاجون لدفع خطط ما بعد صدام حسين الى اتجاه لايتفق مع المواقف المعلنة للادارة الأمريكية بشأن تشكيل حكومة موسعة مع اضفاء الشرعية عليها سواء داخل العراق أو خارجه.
ونتيجة لذلك أجرى مجلس الشيوخ الأمريكي تعديلا على طلب الرئيس جورج بوش بشأن تخصيص 5 ،2 مليار دولار للمساهمة في اعادة اعمار العراق بحيث اشترط منع العسكريين من التصرف في ذلك المبلغ في الوقت الذي طالب فيه مجلس النواب الأمريكي تسليم تلك الأموال الى الادارات المعنية بشئون المساعدات والاغاثة بوزارة الخارجية الأمريكية.
وقال جيم كولبي العضو الجمهوري بمجلس النواب الأمريكي إن وزير الخارجية هو الشخص المناسب المعني بتوجيه تلك المعونات في مرحلة مابعد الحرب الحالية.
ورغم عدم تعليق وزير الخارجية الأمريكي كولن باول على الترتيبات المالية بشأن مرحلة ما بعد الحرب بالعراق تصاعدت حدة الخلافات الخفية بين عدد من أعضاء الكونجرس بمجلسية النواب والشيوخ بشأن خطط ادارة عراق ما بعد صدام حسين.
ومن جانبهم أبدى مسئولون بوزارة الخارجية الأمريكية قلقهم من الدور المقترح للبنتاجون في ادارة شئون العراق في مرحلة ما بعد الحرب مشيرين الى ان جنرالات البنتاجون قد يلجأون الى اختيار عدد من زعماء المعارضة العراقية المنفيين ضمن الفريق الذي سوف يدير شئون العراق وتجاهل الشخصيات التي تحظى بقبول ملحوظ داخل العراق.
وفي المقابل يطالب رئيس الوزراء البريطاني توني بلير «الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في حربها الحالية على العراق والتي تشن خارج نطاق الشرعية الدولية» بدور أكبر للولايات المتحدة في مرحلة ما بعد صدام حسين.
ويشير مسئولون بالأمم المتحدة إلى أن مجلس الأمن لن يصدق على الخطط المتعلقة بادارة البنتاجون للعراق أو تنصيب الولايات المتحدة لادارة معينة بعد الحرب الحالية.
وفي هذا الاطار أكد مسئولو الاتحاد الأوروبي أنهم لن يشاركوا في خطط ما بعد الحرب دون وجود قرار دولي من جانب مجلس الأمن الدولي.
وفي محاولة لطمأنة الأوروبيين قالت مستشارة الأمن القومي الأمريكي كوندوليزا رايس ان واشنطن تسعى الى تحرير العراقيين ونشر مفاهيم الديمقراطية ونزع سلاح العراق واعادة تعمير تلك الدولة بالتعاون مع العراقيين وحلفاء الولايات المتحدة والمنظمات الدولية.
ويتعزز دور البنتاجون في خطط عراق ما بعد صدام حسين اذا ما نظرنا الى ان خطة اعمار العراق صاغها مكتب المساعدات واعادة الاعمار التابع لوزارة الدفاع الأمريكية والذي أنشئ وفق توجيهات مجلس الأمن القومي الأمريكي وأقرها الرئيس جورج بوش منذ أشهر قليلة.
واختار وزير الدفاع الأمريكي دونالد راميسفلد الجنرال المتقاعد بالجيش الأمريكي جاي جارنر ليرأس المكتب.
ويحذر خبراء استراتيجيون أمريكيون من التداعيات الخطيرة التي قد تنجم في حالة فشل الولايات المتحدة في اعادة الاستقرار بالعراق بعد الاطاحة بالرئيس صدام حسين مشددين على ان تنفيذ الخطط الأمريكية غالبا ما يتسم بالبطء.
وأشاروا الى أن ادارة المساعدات الانسانية واعادة الاعمار «التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية - البنتاجون- والمعنية بعمليات تنسيق خطط اعادة الاعمار والاغاثة» انشئت في العشرين من يناير الماضي فقط نتيجة للخلافات بين البنتاجون ووزارة الخارجية الأمريكية حول الدور المرسوم للمعارضين العراقيين.
وقال السيناتور الجمهوري ريتشارد لوجار رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي ان واضعي خطط عراق ما بعد صدام لم يتحركوا بالسرعة المطلوبة.
ورغم حرص واشنطن على عدم الكشف عن تفاصيل الخطط المتعلقة بعراق ما بعد صدام حسين كشفت محللون استراتيجيون أمريكيون مثل كونراد كران ودبليو اندرو ان الخطوط العريضة للخطة الأمريكية تتضمن ثلاث مراحل.. الأولى.. احتلال العراق بواسطة القوات الانجلوأمريكية.
وسوف تقوم قوات الأنجلو امريكية بقيادة الجنرال تومي فرانكس بنزع سلاح العراق وتأمين آبار النفط والحدود وتشكيل الشرطة الوطنية والبدء في اعادة بناء البنية التحتية.
ويتوقع المحللون قيام واشنطن بالاشراف على ادارة شئون البلاد كالشئون المالية والمدارس مشيرين الى ان تلك المرحلة سوف تستغرق حوالي عامين.
وتشمل المرحلة الثانية من الخطة فترة انتقالية حيث ستقوم الولايات المتحدة بمساعدة هيئات الأمم المتحدة والعراقيين بادارة شئون البلاد وتكليف صندوق النقد والبنك الدوليين باعادة هيكلة الديون العراقية وادارة الشئون المالية والدخل النفطي لمدة تتراوح ما بين عام وأربعة أعوام.
ويرى هولاء المحللون الاستراتيجيون ان الولايات المتحدة وحلفاءها سوف تواجههم تحديات جسيمة خلال تلك المرحلة تتمثل في ضرورة العمل على تحسين الأوضاع المعيشية للعراقيين والحفاظ على الاستقرار السياسي.
وتتضمن المرحلة الثالثة من الخطة الأمريكية لعراق ما بعد صدام تسليم السلطة كلية الى زعماء عراقيين حيث سيتولون مهام الحكومة والسلطة القضائية والشرطة وادارة آبار النفط.
وسوف تستغرق المرحلة الثالثة حوالي 5 سنوات تحتفظ خلالها الولايات المتحدة بقاعدة عسكرية بالعراق.
وتتمثل التحديات التي ستواجه الولايات المتحدة في المرحلة الثالثة من الخطة في ايجاد قيادات عراقية تحظى بالقبول الشعبي والقدرة على ادارة شئون البلاد ونجاح تلك الادارة في احترام حقوق الانسان ووضع الاقتصاد العراقي على أرضية صلبة من خلال تحسين الأوضاع المعيشية للشعب العراقي.
|