هل يتم تجاوز الأمم المتحدة مجدداً؟

تستعر الحرب على كل الجبهات ومع ذلك تتواتر التصورات لفترة ما بعد الحرب، وبينما تحاول الولايات المتحدة تجاوز دور الأمم المتحدة مجدداً، فإنه حتى أقرب حلفائها، بريطانيا، يرى أهمية دور المنظمة الدولية في ترتيبات ما بعد الحرب بما في ذلك تشكيل الحكومة المقبلة ومهام إعادة الإعمار.
وقد لا يبدو الحديث عن فترة ما بعد الحرب مناسباً وسط الدماء المهرقة والأشلاء البشرية المتطايرة والدمار المنتشر في كل مكان.. إذ ينبغي أن تنصرف الجهود إلى محاولة وقف كل هذا الجنون وحماية ملايين المدنيين المعرضين للنيران التي تنطلق في كل صوب..
ومع ذلك فإن الحديث عن ترتيبات ما بعد الحرب قد يعطي أملا لأولئك الملايين من المدنيين إذا كانت التصورات لفترة ما بعد الحرب متوائمة مع تطلعات الشعب العراقي بما يجعلهم أكثر تطلعاً لفترة السلام طالما أنها تستجيب لتطلعاتهم.
ومن المؤكد أن أي حديث عن الاحتلال لا يتفق مع تصورات العراقيين، ولهذا فإن الحديث عن إدارة أمريكية بعد هذه الحرب التي هي أمريكية في جميع ملامحها، يعني الاحتلال، وإن جرى تطعيمها بعناصر عراقية.. إذ إن أي شكل من أشكال الحكم مهما كان مؤقتاً ينبغي أن يخضع لإرادة الشعب العراقي وأي تجاوز للإرادة العراقية سيدفع بالكثير من التعقيدات الى ساحة مشتعلة بالفعل وفي مجتمع متعدد الأعراق والتوجهات.
إن أي ترتيب يفسح مجالاً أمام دور محوري وأساسي للأمم المتحدة في فترة ما بعد الحرب يعني مشاركة أوسع للمجتمع الدولي في الاضطلاع بمسؤوليات يصعب على دولة واحدة القيام بها، كما أن تعدد المساهمين يعني ضمان الفاعلية لما يجري تنفيذه من مشروعات لإعادة الإعمار وحكومة جديدة وغيره من الترتيبات ويضفي على الإنجازات في كل هذه الميادين توافقاً دولياً يمكن أن ينعكس بصورة إيجابية على الأداء الفاعل للمؤسسات التي تضطلع بأعباء المرحلة المقبلة في العراق.