Monday 7th april,2003 11148العدد الأثنين 5 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

قصة خبرية قصة خبرية
«هويدي» و«حنيف» رفضا تثبيتهما بوظيفة حمال
سنتان.. ركض ودلالات على تحول السعودة من «حالة وطنية» إلى «حالة إنسانية»

* جدة - خالد الفضلي:
عامان قضياهما «هويدي مشيلح» و«حنيف مسلط» منذ أن فارقا مسقط رأسيهما «تربة» وهما يجدّان في البحث عن لقمة عيش بما يكفل لهما حياة كريمة.
أي وظيفة كانت سترضي طموحهما طالما سيكسبان من خلالها مالاً حلالاً. لم يدخرا جهداً في سبيل ذلك.. وطفقا يجوبان البلاد شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً.. طافا بالرياض ومكة وجدة والطائف وكانت النتيجة في النهاية أكثر إيلاماً، فقد تعرضا لعدة مواقف مهينة من قبل مديري شؤون الموظفين في عدة شركات ومؤسسات أهلية، ولا يزال هويدي يتذكر مرارة طرده من ورشة صيانة سيارات قصدها بعدما ضاقت به السبل، على يد عامل وافد يملكها ويديرها خفية.. قال والألم يعتصره: «كان يعطيني 700 ريال.. وكنت أعمل عنده كصبي عامل ثم.. ثم طردني». هذه حكاية هويدي وحنيف توردها الجزيرة كما روياها لنا، وربما ثمة قصص مماثلة.. نوردها كما هي لعلها تكشف ثقوباً جديدة في ثوب السعودة وتساعد المسؤولين على ترقيع ثياب بطالة قاسية تطبق على أعناقنا،.. نود الانتقال من مرحلة المطالبة بالسعودة من «حالة وطنية» إلى «حالة إنسانية» لعلها تجدي مع ملاك القرار في شركات القطاع الخاص والمؤسسات المتوسطة، فهويدي وحنيف ولدا وعاشا صباهما تحت بيوت الشعر والخيام حول مدينة تربة، وعندما تجاوزا العشرين خرجا من تربة قبل عامين وليس في أيديهما إلا شهادة المرحلة الإعدادية «الكفاءة» ودريهمات قليلة. يقول هويدي «مشينا على أقدامنا من جبل حضن إلى بلدة رضوان، مسافة 40 كيلو متراً». ثم ماذا يا هويدي؟ وصلت الطائف، صورت «كفاءتي» 20 صورة، وكذلك بطاقة الأحوال، وعشرين ملفاً علاقياً أخضر، كتبت عشرين «معروض» أناشد القطاعات الحكومية توظيفي، تخيل كتبت لكل دائرة حكومية خطاب استرحام بخط يدي». ويستطرد هويدي: كنا نظن أن بعض المعاهد تحتوي مكاناً لنا، لكننا بعد سنة من الركض اكتشفنا أن جميع أبواب المعاهد «كسحتنا»، وبعضها «رفسنا» بعنف، ويتذكر هويدي بعد أن فشلنا في دخول مراكز التجنيد، أخذت دورات قصيرة في الكمبيوتر وأعمال السكرتارية لعلها تفتح لنا أبواب الشركات».
يعصر هويدي وحنيف ذاكرتيهما للإجابة عن سؤال «الجزيرة» عن تفاصيل محاولاتهما الانخراط في السلك العسكري والأمني من خلال المراكز والمعاهد ذهبنا إلى الرياض، ليس لنا أقرباء هناك، عشنا بين المساجد والشوارع والبوفيهات، كنا ننتقل مشياً على الأقدام تحت شمس الرياض، ننام داخل المساجد في الليل أو بجوارها، ونقتات على أرخص سندويتشات البوفيات مع الماء فقط»، ويعلق حنيف «كانت حالتنا حالة».
ثم انطلقا في وصف معاناتهما مع الشركات المتوسطة والكبرى، وأخذ هويدي ينطق أسماء شركات وأشخاص بحنق ومرارة قهر متشبع بكره، فهو يعتقد أنهم جميعا يشاركون في حرمانه من وظيفه «خاصة شركة للأثاث لأنهم أخذوا ملفاتنا ثم أنكروها، رغم أن مدير التوظيف سعودي»، ويؤكد حنيف أيضا أن مدير التوظيف أخذ ملفاتهم ثم أنكر الحدث ورفض توظيفهم، «أخذ ملفاتنا وضيعها لأن فيها خطاب مكتب العمل والعمال».
ويكشف حنيف وهويدي عن محاولاتهما الخروج من «الفقر والبطالة» بممارسة مهن مختلفة» بعنا في حلقة الخضار وخسرنا كثيرا، حاولنا العمل في مسالخ المشاعر المقدسة أثناء الحج فلم نجد مكانا، طفنا على ورش السيارات، واشتغلنا حمالين للأكياس في شركة أعلاف دجاج ثم رفضوا تثبيتنا على وظيفة «حمال» وطلبت منا خبرة ثلاث سنوات، والآن نحن في جدة لم نجد وظيفة ولم نقم بزيارة أسرتنا منذ سنة تقريباً لأننا لا نملك تكلفة السفر». كان ذلك جزءاً من «لفلفة» هويدي وحنيف، قالا أثناء دخولهما مكتب «الجزيرة» في جدة وبيديهما مجموعة من «العلاقي الأخضر» يوزعانها على جميع الشركات المتواجدة في ذات المبنى في مشهد يشبه إلى حد بعيد «جمع التبرعات».

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved