* الرياض - أحمد القرني:
تشارك المملكة دول العالم يوم غد الاثنين 7 إبريل 2003م بيوم الصحة العالمي تحت شعار «تنشئة الأطفال في بيئة صحية ضمان للمستقبل» وتأتي هذه المشاركة من المملكة في ظل اهتمام الدولة أيدها الله بكل ما يتعلق بصحة المواطن والأولوية التي أبدتها المملكة في تعزيز الحياة الصحية للفرد والمجتمع على حد سواء. وأكبر دليل على ما تشهده المملكة من تقدم صحي يوازي الدول المتقدمة في الرقي بالخدمات الصحية من حيث الجودة والنوعية بكافة خدماتها الصحية وتطور منشآتها الصحية التخصصية والعامة وانتشار مراكز الرعاية الصحية في جميع أنحاء أحياء مدن المملكة بما يحقق توفير الرعاية الصحية اللازمة لمواطنيها. هذا وتنظم وزارة الصحة بهذه المناسبة ندوة علمية بعنوان «نحو بيئة أكثر صحة للأطفال» بقاعة المحاضرات بقصر طويق بالحي الدبلوماسي بالرياض مساء اليوم يفتتحها معالي وزير الصحة أ.د. أسامة بن عبدالمجيد شبكشي بحضور وكلاء وزارة الصحة والوكلاء المساعدين والمديرين العامين وعدد كبير من المسؤولين من مختلف القطاعات الصحية والمشاركين.
هذا ويستمر البرنامج العلمي للندوة ليوم غد وبعد غد الذي يحفل بمواد علمية زاخرة بكل ما يتعلق بالصحة.
وبهذه المناسبة القى معالي وزير الصحة أ.د. أسامة بن عبدالمجيد شبكشي كلمة قائلا:
قال جل شأنه في محكم التنزيل {إنَّا كٍلَّ شّيًءُ خّلّقًنّاهٍ بٌقّدّرُ} أي بتقدير سابق ونظام محكم والنظام المحكم هو التوازن الذي يشمل أيضا التوازن البيئي والذي يمثل أهمية خاصة للأطفال حيث انهم عماد الأمة ورجال المستقبل وهم أيضاً فلذات الأكباد الذين قال فيهم الشاعر:
إنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشي على الأرض لو هبت الريح على بعضهم لامتنعت عيني عن الغمض
|
فمن حقهم علينا أن يعيشوا في عالم آمن وسط بيئة صحية نظيفة خالية من عوامل التلوث ومخاطر الأمراض والآثار السيئة لسوء التغذية.. إلخ.
إننا جميعا نتحمل مسؤولية الحفاظ على مستقبل أطفالنا تحقيقاً لمبدأ الرعاية ومصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته».
وفي هذا الاطار تشارك المملكة ممثلة في وزارة الصحة في كل عام دول العالم في الاحتفال بيوم الصحة العالمي في السابع من إبريل عام 2003م الموافق الخامس من صفر 1424هـ والذي سيكون شعاره لهذا العام «تنشئة الأطفال في بيئة صحية ضمان للمستقبل» وعلى الرغم من التقدم الكبير الذي حققه الانسان في المجال الطبي وسيطرته على غالبية الأمراض ومعرفة طرق علاجها فلا يزال هناك فارق كبير في درجة الاهتمام بصحة الطفل بين الدول المتقدمة التي لا تتجاوز نسبة وفيات الأطفال فيها دون سن الخامسة 1% في الوقت الذي تتجاوز فيه هذه النسبة 20% في بعض الدول الفقيرة التي لا تزال تعاني من العديد من المخاطر التي تعصف بصحة الأطفال وحياتهم.
إن صحة الأطفال يكتنفها الكثير من المخاطر لأسباب عديدة ومتباينة وأهمها المخاطر البيئية كتلوث الماء والطعام وتلوث الهواء داخل المباني وخارجها من جراء تلك الانبعاثات الضارة من المصانع وعوادم السيارات كما يتعرض الأطفال الى العديد من الاصابات نتيجة لحوادث السيارات والحوادث المنزلية وحيث يقضي الأطفال جل وقتهم في المنازل فإن المنازل التي لا تتوفر فيها مقومات السلامة هي أيضا مصدر من مصادر الخطر على صحة الأطفال يضاف الى ذلك أنهم عرضة للكثير من الأمراض ذات النواقل مثل الملاريا البلهارسيا، اللشمانيا، كما يعتبر الأطفال أكثر الفئات العمرية تأثراً بالاستخدام الواسع للمواد الكيميائية في المجالات الزراعية والصناعية والمنزلية.
وفي هذا الصدد تشير أحدث الاحصاءات المتوفرة الى ان العالم يشهد 000 ،300 ،1 حالة وفاة سنويا نتيجة أمراض الاسهال من جراء تلوث مياه الشرب والغذاء وعدم الالتزام بقواعد النظافة، ذلك ان المخاطر البيئية المتعددة تعمل بشكل متآزر وتأثيرها يتفاقم بفعل الظروف غير المواتية اقتصاديا واجتماعياً وبفعل الكوارث.
وتؤكد منظمة الصحة العالمية ان الأطفال هم الأكثر تعرضاً للعوامل البيئية والأشد تأثراً بها لأسباب متعددة كضعف الأجهزة العصبية والمناعية والهضمية والتناسلية وسرعة تأثرها بالتلوث البيئي، كما ان زيادة معدل الامتصاص المعوي والامتصاص الجلدي تكون أعلى لدى الأطفال من البالغين بالاضافة الى كون معدل استهلاك الطاقة نسبة الى وزن الجسم أعلى مقارنة بالبالغين.
اضافة الى العوامل السابق ذكرها، فإن الطفل يتميز بعوامل سلوكية أخرى تزيد من فرص تعرضه للملوثات البيئية لقربه من سطح الأرض في لعبه ونومه وحبوه مما يعرضه بشكل أكبر الى بقايا المطهرات والمبيدات الحشرية والغبار والحشرات.
إن تغيير نمط الحياة المتمثلة في العادات الغذائية الضارة وقلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة، كان له أكبر الأثر في تفشي السمنة بين مختلف الفئات العمرية ومن بينهم الأطفال مما يساهم في زيادة معدلات اصابة الأجيال القادمة بالأمراض المرتبطة بالسمنة.
ونتيجة للتطور الذي شهدته المملكة خلال العقود الماضية، فقد كان هناك العديد من القضايا البيئية والآثار الجانبية التي صاحبت كل قطاع من قطاعات الاقتصاد والتنمية وهي قضايا متوقعة وخاصة في ضوء التطور التنموي الشامل والسريع الذي شهدته المملكة في كافة المجالات.. مما حدا بولاة الأمر حفظهم الله الى وضع السياسات الوطنية المناسبة لمواجهة هذه القضايا حيث نصت المادة «31» من النظام الأساسي للحكم على ما يلي:
«تعنى الدولة بالصحة العامة وتوفر الرعاية الصحية لكل مواطن» كما نصت المادة «32» على ان «تعمل الدولة على المحافظة على البيئة وحمايتها وتطويرها ومنع التلوث عنها» وهذا الاهتمام مستمد من تعاليم ديننا الاسلامي الحنيف وشريعته السمحة التي جعلت من عمارة الأرض الوظيفة الرئيسية للانسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى باستخلافه فيها وبما يكفل للأجيال الحالية والقادمة أمناً بيئياً وصحياً سيكون له بإذن الله أكبر الأثر في خفض معدلات الاصابة بالأمراض وحماية البيئة من كل ما يكدر صفوها مما يحقق لهذه الأجيال تنمية مستدامة وحياة رغيدة بمشيئة الله تعالى.
إننا بحاجة الى توفير ودعم البيئة الصحية للطفل إلا ان هذا الأمر لا يمكن ان يتأتى إلا بتضافر عوامل عدة، من أهمها توفير الخدمات الصحية الأساسية بما في ذلك التطعيمات الأساسية وتعميم وتوفير الماء الصالح للشرب وخدمات الصرف الصحي بالاضافة الى وضع المزيد من المواصفات والمقاييس الصحية الدقيقة التي تحكم دخول البضائع المستوردة لضمان مطابقتها لهذه المواصفات وتلافي أي أثر سلبي لها على البيئة، كما ان تعزيز التعاون المثمر والبناء والتنسيق التام بين مختلف القطاعات الحكومية المسؤولة عن الصحة والبيئة ومع المنظمات والهيئات المحلية والدولية ذات العلاقة للعمل سوياً على ايجاد بيئة صحية نظيفة أمر في غاية الأهمية كما تجدر الاشارة هنا الى أهمية توفير الاحصائيات والأبحاث في مجال صحة البيئة للأطفال ليتمكن المختصون من الحصول على المعلومات المناسبة مع التركيز على ضرورة العمل على توفير بيئة صحية في المدارس التي يقضي فيها فلذات أكبادنا جزءاً كبيراً من وقتهم.
وفي الختام أسأل المولى العلي القدير ان يحمي بيئتنا وأطفالنا من كل سوء ومكروه وأن يجعل عملنا كله خالصاً لوجهه الكريم إنه سميع مجيب.
ومن جهته صرح وكيل وزارة الصحة المساعد للطب الوقائي الدكتور يعقوب بن يوسف المزروع بان هذه الندوة تأتي في سياق فعاليات وزارة الصحة احتفالاً بيوم الصحة العالمي والذي يأتي هذا العام تحت شعار «تنشئة الأطفال في بيئة صحية ضمان للمستقبل» وفي سياق جهود الوكالة المساعدة للطب الوقائي لتوعية أفراد المجتمع بأهمية البيئة الصحية للطفل، خصوصاً وان الأطفال هم أكثر فئات المجتمع تأثراً بالبيئة المحيطة.
وتقام فعاليات هذه الندوة يومي الاثنين والثلاثاء 5 6 صفر 1424ه وتتضمن مواضيع متعلقة بصحة وبيئة الطفل، ويحاضر فيها عدد من المختصين في مجال الصحة والبيئة من المملكة العربية السعودية وعدد من الدول الأخرى.
وأشاد الدكتور المزروع بالدعم الذي تلقاه وزارة الصحة من لدن ولاة الأمر حفظهم الله والذين وضعوا نصب أعينهم راحة ورفاهية المواطن السعودي، كما أشاد بالدعم الذي تلقاه الوكالة المساعدة للطب الوقائي من قبل معالي وزير الصحة الأستاذ الدكتور أسامة بن عبدالمجيد شبكشي.
هذا وقد أهاب الدكتور يعقوب المزروع بكافة أفراد المجتمع والعاملين في القطاعات الصحية بشكل خاص بالعمل على ضمان بيئة صحية للطفل بحث أولياء الأمور والأطفال على اتباع العادات الصحية والتغذية السليمة وبالعمل على تحسين المعايير البيئية لمدننا وقرانا.وكشف الدكتور يعقوب بن يوسف المزروع الوكيل المساعد بوزارة الصحة السعودية لشؤون الطب الوقائي عن أن نسبة التغطية في اللقاحات التي تغطي 10 أمراض مستهدفة بلغت 95% على مستوى المملكة العربية السعودية.وأدى هذا الجهد الذي تبذله وزارة الصحة بالمملكة العربية السعودية لحماية الأطفال الى الانخفاض الحاد في كل هذه الأمراض بل واختفاء بعضها مثل شلل الأطفال والخناق والتيتانوس.
وأكد الدكتور المزروع أن بقية الأمراض المستهدفة في طريقها للاختفاء مثل الحصبة والحصبة الالمانية، والنكاف والتي تعمل وزارة الصحة على استئصالها من المملكة من خلال برنامج ناجح وطموح في تطعيم الأطفال حديثي الولادة وحتى السنة الأولى من العمر بهذه اللقاحات التي تغطي الأمراض العشرة المستهدفة.
واعتبر الدكتور المزروع ان الاحتفال بيوم الصحة العالمي هذا العام وتركيزه على موضوع «بيئة صحية للأطفال» يدعونا للتفكير بالعوامل الكثيرة التي تحيط بالطفل منها البيئة التي يعيش فيها ومجتمعه الذي يحيط به موضحاً ان الطفل يعتبر من أكثر الفئات تأثراً للعديد من الأسباب منها حجمه بالقياس لهذه البيئة، وجهازه المناعي وتعريضه لبيئات مختلفة خلال النهار والليل.
وذكر الدكتور المزروع ان البيئة المحيطة بالطفل تحتوي على عناصر خطرة كثيرة، ولذلك لا بد من اتخاذ الإجراءات المختلفة التي تحمي الأطفال من هذه الأخطار، منها إجراءات خاصة بالمنزل وأخرى تتعلق بالمجتمع، وثالثة تتعلق بالعاملين بالحقل الصحي، كما ان هناك جزءا مهما بين هذه الإجراءات يتعلق بوسائل التوعية والإعلام.
وأكد الدكتورالمزروع ان وزارة الصحة بالمملكة العربية السعودية والقطاعات الصحية المختلفة بما فيها الصحة المدرسية تسعى لتقديم خدمات رعاية وحماية للأطفال من العوامل التي قد يتعرضون لها مرضياً، وفي هذا الجانب يتم تنظيم برامج التطعيم الموسع أو بحماية غذائية الذي قد يكون مصدر خطر عليه، اذا لم يتم التأكد من سلامته في التحضير والإعداد والتقديم، والتأكد من عدم تعرضها لعوامل الخطورة الأخرى الجسدية كالحوادث المنزلية والمدرسية أو الحرائق وغيرها من الأخطار التي قد يتعرض لها الأطفال.وبين د. المزروع ان الخدمات الصحية في حماية الأطفال مستمرة عن طريق تقديم الرعاية الصحية اللازمة والنصح لتفادي للعوامل البيئية التي قد تؤدي الى أضرار صحية تتمثل في أعراض تنفسية أو جلدية ناتجة عن الجو المحيط بالأطفال أو نتيجة تعرضهم لأي تلوث بيئي بأي شكل من الأشكال.
حملات محددة
وأوضح الدكتور المزروع ان الوزارة تعمل ضمن نشاطاتها على تفادي مرض شلل الأطفال بالقيام ومنذ ثلاثة أعوام وبعد انتهاء الحملات الوطنية للتطعيم بتنفيذ حملات محدودة لبعض المناطق بالمملكة العربية السعودية، وهي مناطق الحج لضمان عدم وفادة أي حالة أو فيروس لشلل الأطفال من بعض البلدان التي لا زال المرض متوطناً بها، والتي منها أعداد كبيرة للحج والعمرة وهذه الحملات تعتبر إجراء احتياطاً تتخذه المملكة بالإضافة الى إجراءات تهدف لمنع وفادة المرض..
وأكد الدكتور المزروع ان اللجنة الوطنية للتطعيم بالمملكة تدرس في اجتماعاتها الدورية كافة المستجدات الوبائية وذلك لاقتراح أي تعديلات عن مكونات البرنامج الوطني للتطعيم في إضافة أي لقاح جديد، أو تغيير أنواع تضم القطاعات الصحية العامة والخاصة والمتخصصين من وزارة الصحة بالمملكة العربية السعودية.
|