* القاهرة ا.ش.ا :
بدأت لغة المصالح تفرض نفسها على الساحة الدولية وذلك بعد مرور اكثر من اسبوعين على نشوب الحرب ضد العراق.. واصبح واضحاً ان دول العالم تقر الامرالواقع في الحرب الانجلو/امريكية الجارية ضد الشعب العراقي ولم تعد دول مثل فرنسا وروسيا والمانيا والصين ترى مفراً من الانتظار لما بعد نهاية الحرب وأنه يتعين عليها البحث من الآن لاقتسام جزء من الكعكة.
ويرى مراقبون ان المانيا وفرنسا وروسيا ودولا اخرى اقليمية بدأت تفكر جدياً في دور لشركاتها للفوز بجزء من عمليات إعادة اعمار العراق التي بلغت التقديرات المبدئية مبلغاً خيالياً يتراوح بين 500 الى 700 مليار دولار بالاضافة الى 150 مليار دولار اخرى للاعمال الانسانية وحفظ السلام والمتضررين من الحرب.
وقد بدأت روسيا والمانيا تخففان من حدة معارضتهما للحرب في العراق وقال بوتن ليس لروسيا مصلحة في هزيمة الولايات المتحدة ويرجح المراقبون ذلك لأسباب سياسية واقتصادية.
وفي الوقت نفسه اعربت الحكومة الالمانية لأول مرة عن رغبتها في حدوث تغيير في النظام العراقي، وقال يوشكا فيشر وزير الخارجية الالمانية بعد مباحثات اجراها مع نظيره البريطاني جاك سترو في برلين امس الاول ان بلاده تأمل في نهاية النظام العراقي في اسرع وقت ممكن على حد تعبيره.وتأتي تصريحات فيشر بشأن تغيير نظام الحكم في بغداد متعارضة مع الجهود الدبلوماسية التي بذلتها المانيا في مجلس الامن لمنع نشوب الحرب.
وفي اطار من المصالح المتبادلة يجتمع وزراء خارجية كل من فرنسا وروسيا والمانيا في باريس لبحث الاوضاع في العراق فيما بعد الحرب والتأكيد على عدم انفراد الولايات المتحدة بعمليات الاعمار وضرورة وجود دور ما للأمم المتحدة.
وكان القلق قد ساد بريطانيا ودولاً اخرى بعد ان سمح للشركات الامريكية فقط بالتقدم للحصول على الدفعة الاولى من العقود التي بلغت قيمتها نحو مليار دولار، إلا ان الولايات المتحدة في اطار تهدئة حلفائها تحاول ان تبعث برسائل على لسان الخارجية الامريكية وعلى عكس مايصرح به الرئيس بوش وصقور الادارة في وزارة الدفاع تؤكد فيها انها ستسمح بالتقدم للحصول على عقود لإعادة اعمار العراق بعد انتهاء الحرب.
لكن المراقبون يرون انه لايزال هناك خلافات عميقة بشأن كيفية إعادة اعمار العراق ناقش بعضها رئيس الوزراء البريطاني توني بلير اثناء زيارته الاخيرة للولايات المتحدة.
وخلال اجتماع القمة الاوروبية مؤخراً في بروكسل ظهر الخلاف واضحاً بين موقف كل من الولايات المتحدة وبريطانبا والزعماء الاوروبيين حول وضع العراق بعد الحرب حيث قال الرئيس الفرنسي جاك شيراك ان بلاده لن تسمح بتمرير أي قرار في الامم المتحدة يمكن الولايات المتحدة او بريطانيا من ادارة العراق بعد الحرب.
ويعتقد المحللون ان بريطانيا وشركاءها في الاتحاد الاوروبي يرغبون في ان تنشئ الولايات المتحدة تحالفاً لإعادة بناء العراق.
ويصر المسؤولون في لندن وبرلين وباريس وبروكسل على ان تلعب الامم المتحدة دوراً بارزاً في المساعدة على تشكيل حكومة عراقية جديدة فيما بعد الحرب يمكن ان تتصرف في اموال العراق.
ولاتخفي روسيا قلقها ازاء محاولات الهيمنة الامريكية في اعادة اعمار العراق وتصر على المحافظة على حقوق شركاتها النفطية في العراق والتي بلغت استثماراتها حوالي مليار دولار منذ عام 1996.. وقدرت خسائرها منذ اندلاع الحرب في العراق بنحو ملياري دولار.
اما اليابان فتؤكد هي الاخرى على دور للامم المتحدة في اعمار العراق ورغبتها في المساهمة من خلال انشطة الامم المتحدة المختلفة، كما تبدي كندا هي الاخرى رغبتها في المشاركة في اعادة اعمار العراق وتوفير المستلزمات الطبية في اطار برنامج النفط مقابل الغذاء.ويرى المراقبون ان عمليات ابرام العقود التي رسيت على الشركات الامريكية قبل ان تنتهي الحرب تبرهن على مدى محاولة استئثار الولايات المتحدة بالكعكة في العراق.
وقال ريتشارد باوتشر الناطق باسم وزارة الخارجية الامريكية في وقت سابق ان الوكالة الامريكية للتنمية الدولية ستأخذ على عاتقها اختيار الشركات التي ستسهم في تنفيذ هذه المشاريع.
وقدرت بعض المصادر قيمة هذه العقود بحوالي 900 مليون دولار مما يجعل هذا المشروع اكبر مشروع اعادة اعمار تضطلع به الحكومة الامريكية منذ البرامج الضخمة التي نفذت في المانيا واليابان في اعقاب الحرب العالمية الثانية.
وقد بدأت مثل هذه التحالفات تنشط فعلياً بعد ان فازت الاسبوع الماضي شركة هاليبرتون التي شغل فيها نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني منصب الرئيس التنفيذي بأول عقد لإعادة اعمار العراق ما بعد الحرب.
وقد فازت الشركة بعقد من قبل وحدة الجيش الامريكي للهندسة لاخماد الحرائق في حقول النفط والقيام باعمال صيانة عاجلة للبنية التحتية المتعلقة بالنفط في العراق.
كما منحت وزارة الدفاع الامريكية البنتاغون عقوداً بقيمة 408 مليون دولار لشركة امريكية اخرى تتخذ من سياتل مقراً لها وذلك لإعادة تشغيل مرافئ ام قصر في جنوب العراق.
ويلاحظ الخبراء غياب الشركات البريطانية ودول التحالف الاخرى وايضا عدم وجود عروض للشركات الفرنسية والروسية والالمانية حتى الان مما يعزز الشكوك حول عزم الولايات المتحدة الانفراد بالعملية برغم عملية التطمينات المتعاقبة من الجانب الامريكي.
|